الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور

                                                                                                                                                                                                                                        ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ) بالتوسعة على أهلها وهي قرى الشأم . ( قرى ظاهرة ) متواصلة يظهر بعضها لبعض ، أو راكبة متن الطريق ظاهرة لأبناء السبيل . ( وقدرنا فيها السير ) بحيث يقيل الغادي في قرية ويبيت الرائح في قرية إلى أن يبلغ الشام . ( سيروا فيها ) على إرادة القول بلسان الحال أو المقال . ( ليالي وأياما ) متى شئتم من ليل أو نهار . ( آمنين ) لا يختلف الأمن فيها باختلاف الأوقات ، أو سيروا آمنين وإن طالت مدة سفركم فيها ، أو سيروا فيها ليالي أعماركم وأيامها لا تلقون فيها إلا الأمن .

                                                                                                                                                                                                                                        ( فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ) أشروا النعمة وملوا العافية كبني إسرائيل فسألوا الله أن يجعل بينهم وبين الشام مفاوز ليتطاولوا فيها على الفقراء بركوب الرواحل وتزود الأزواد ، فأجابهم الله بتخريب القرى المتوسطة .

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام «بعد » ، ويعقوب ( ربنا باعد ) بلفظ الخبر على أنه شكوى منهم لبعد سفرهم إفراطا في الترفه وعدم الاعتداد بما أنعم الله عليهم فيه ، ومثله قراءة من قرأ «ربنا بعد » أو «بعد » على النداء وإسناد الفعل إلى بين . ( وظلموا أنفسهم ) حيث بطروا النعمة ولم يعتدوا بها . ( فجعلناهم أحاديث ) يتحدث الناس بهم تعجبا وضرب مثل فيقولون : تفرقوا أيدي سبأ . ( ومزقناهم كل ممزق ) ففرقناهم غاية التفريق حتى لحق غسان منهم بالشأم ، وأنمار بيثرب ، وجذام بتهامة ، والأزد بعمان . ( إن في ذلك ) فيما ذكر . ( لآيات لكل صبار ) عن المعاصي . ( شكور ) على النعم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية