الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1497 باب:

                                                                                                                                                                                                                              1571 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، عن قتادة قال: حدثني مطرف عن عمران - رضي الله عنه - قال: تمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء. [4518- مسلم: 1226 - فتح: 3 \ 432]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عمران -يعني: ابن الحصين- تمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء.

                                                                                                                                                                                                                              في بعض نسخ البخاري: باب التمتع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد أدرجه ابن بطال في الباب الأول ; لأنه كمعنى حديث جابر في التسمية لما أحرم به، ولا شك أن عمران لم يكن ليقدم على القول عن نفسه، وعن أصحابه أنهم تمتعوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا وأنهم قد أسمع بعضهم بعضا تلبيتهم للحج وتسميتهم له، ولولا ما تقدم لهم قبل تمتعهم من تسميتهم الحج والإهلال به لم يعلم عمران إن كانوا قصدوا مكة بحج أو عمرة، إذ عملهما واحد إلى موضع الفسخ، والفسخ لم يكن حينئذ إلا للمفردين بالحج، وهم الذين تمتعوا بالعمرة ثم حلوا، ثم أحرموا بالحج، فدل هذا كله على أنه لا بد من تعيين الحج أو العمرة عند الإهلال، وأن هذا مفتقر إلى النية عند الدخول فيه. وقول عمران: (تمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن)، يريد أن التمتع والقران معمول به على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينسخه شيء، ونزل القرآن بإباحة العمرة في أشهر الحج في قوله: فمن تمتع بالعمرة الآية [البقرة: 196].

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 263 ] وقوله: (قال رجل برأيه ما شاء): يعني من تركه، أو الأخذ به، وأن الرأي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - باختيار الإفراد لا ينسخ ما سنه من التمتع والقران.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن الجوزي: كأنه يريد عثمان.

                                                                                                                                                                                                                              وقال النووي والقرطبي: يريد عمر ، زاد ابن التين: يحتمل أن يكون أراد أبا بكر أو عمر أو عثمان. وقد ذكر البخاري في التفسير حديث عمران قال: أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء، قال محمد: يقال: إنه عمر .

                                                                                                                                                                                                                              وفي "الموطإ" عن الضحاك بن قيس قال: ما يعقلها إلا من جهل أمر الله . وروي نحو ذلك عن ابن الزبير ومعاوية، وفسر ذلك ابن عمر، وذلك أنه سئل عن متعة فأمر بها، فقيل له: تخالف أباك؟! فقال: إن عمر لم يقل الذي تقولون، إنما قال: أفردوا الحج عن العمرة، فإنه أتم; لأن العمرة لا تتم إلا في أشهر الحج إلا بهدي، فأراد أن يزار البيت في غير أشهر الحج، فجعلتموها أنتم حراما، وعاقبتم الناس عليها، وأحلها الله وعمل بها رسوله .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا هو الصحيح، وابنه أعلم الناس بمقالة أبيه، ولعله يرى أن اعتقاد تفضيل المتعة خطأ، وكان ينهى عن ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 264 ] وذكر الهروي عن عمر أنه قال: إن اعتمرتم في أشهر الحج رأيتموها مجزئة من حجكم، وكانت فائتة فوت عامها. ضربه عمر مثلا لخلاء مكة من المعتمرين سائر السنة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية