الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان فبأي آلاء ربكما تكذبان فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان .

                                                                                                                                                                                                وردة حمراء "كالدهان" كدهن الزيت، كما قال: "كالمهل"، وهو دردي الزيت، وهو جمع دهن. أو اسم ما يدهن به كالخزام والإدام. قال "من الطويل":


                                                                                                                                                                                                كأنهما مزادتا متعجل فريان لما تدهنا بدهان





                                                                                                                                                                                                [ ص: 15 ] وقيل: الدهان الأديم الأحمر. وقرأ عمرو بن عبيد "وردة" بالرفع، بمعنى: فحصلت سماء وردة، وهو من الكلام الذي يسمى التجريد، كقوله "من الكامل":


                                                                                                                                                                                                فلئن بقيت لأرحلن بغزوة     تحوي الغنائم أو يموت كريم

                                                                                                                                                                                                إنس بعض من الإنس "ولا جان" أريد به: ولا جن: أي: ولا بعض من الجن، فوضع الجان الذي هو أبو الجن موضع الجن، كما يقال: هاشم، ويراد ولده. وإنما وحد ضمير الإنس في قوله: عن ذنبه لكونه في معنى البعض. والمعنى: لا يسألون لأنهم يعرفون بسيما المجرمين وهي سواد الوجوه وزرقة العيون. فإن قلت: هذا خلاف قوله تعالى: فوربك لنسألنهم أجمعين [الحجر: 92]. وقوله: وقفوهم إنهم مسؤولون [الصافات: 24]. قلت: ذلك يوم طويل وفيه مواطن فيسألون في موطن ولا يسألون في آخر، قال قتادة: قد كانت مسألة، ثم ختم على أفواه القوم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون. وقيل: لا يسأل عن ذنبه ليعلم من جهته، ولكن يسأل سؤال توبيخ. وقرأ [ ص: 16 ] الحسن وعمرو بن عبيد: ولا جأن; فرارا من التقاء الساكنين، وإن كان على حده.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية