الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لا تجد قوما الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم ، وأبو نعيم في «الحلية» والبيهقي في «سننه» ، وابن عساكر ، عن عبد الله بن شوذب قال : جعل والد أبي [ ص: 329 ] عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر، قصده أبو عبيدة فقتله، فنزلت لا تجد قوما يؤمنون بالله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج قال : حدثت أن أبا قحافة سب النبي - صلى الله عليه وسلم - فصكه أبو بكر صكه فسقط، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : «أفعلت يا أبا بكر»؟! فقال : والله لو كان السيف مني قريبا لضربته، فنزلت لا تجد قوما الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس، أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يزور خالا له من المشركين فأذن له، فلما قدم، قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأناس حوله : لا تجد قوما يؤمنون بالله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن كثير بن عطية، عن رجل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة؛ فإني وجدت فيما أوحيته إلي : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله قال سفيان : يرون أنها نزلت فيمن يخالط السلطان .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 330 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول»، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : أحب في الله، وأبغض في الله، وعاد في الله، ووال في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ثم قرأ : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في «الحلية»، والخطيب، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد : أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بي، فماذا عملت في ما لي عليك؟ قال يا رب : وما لك علي؟ قال : هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا»؟ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، والحاكم ، والحكيم الترمذي ، عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «يبعث الله يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول له : بأي الأمرين أحب إليك أن أجزيك؛ بعملك أم بنعمتي عليك؟ قال : يا رب، أنت تعلم أني لم أعصك، قال : خذوا عبدي بنعمة من نعمي، فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة، فيقول : يا رب، بنعمتك ورحمتك [ ص: 331 ] فيقول : بنعمتي وبرحمتي، ويؤتى بعبد محسن في نفسه، لا يرى أن له سيئة، فيقال له : هل كنت توالي أوليائي؟ قال : يا رب، كنت من الناس سلما، قال : هل كنت تعادي أعدائي؟ قال : يا رب، لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء، فيقول الله تبارك وتعالى : وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الديلمي، من طريق الحسن ، عن معاذ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا ولا نعمة، فيوده قلبي؛ فإني وجدت فيما أوحيت إلي : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية