الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم

                                                                                                                                                                                                                                      58 - يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم أمر بأن يستأذن العبيد والإماء والذين لم يبلغوا الحلم منكم أي الأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار وقرئ بسكون اللام تخفيفا ثلاث مرات في اليوم والليلة وهي من قبل صلاة الفجر ؛ لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب ليقظة وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة وهي نصف النهار في القيظ ؛ لأنها وقت وضع الثياب للقيلولة ومن بعد صلاة العشاء ؛ لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم ثلاث عورات لكم أي : هي أوقات ثلاث عورات فحذف المبتدأ والمضاف ، وبالنصب كوفي غير حفص [ ص: 518 ] بدلا من "ثلاث مرات" أي : أوقات ثلاث عورات وسمي كل واحد من هذه الأحوال عورة ؛ لأن الإنسان يختل تستره فيها والعورة الخلل ومنها الأعور المختل العين ، دخل غلام من الأنصار يقال له مدلج بن عمرو على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقت الظهيرة وهو نائم وقد انكشف عنه ثوبه فقال عمر رضي الله عنه: " وددت أن الله نهى عن الدخول في هذه الساعة إلا بالإذن فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد نزلت عليه الآية ثم عذرهم في ترك الاستئذان وراء هذه المرات بقوله ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن أي : لا إثم عليكم وعلى المذكورين في الدخول بغير استئذان بعدهن ثم بين العلة في ترك الاستئذان في هذه الأوقات بقوله طوافون عليكم أي : هم طوافون بحوائج البيت بعضكم مبتدأ خبره على بعض وتقديره: بعضكم طائف على بعض فحذف طائف لدلالة طوافون عليه ويجوز أن تكون الجملة بدلا من التي قبلها وأن تكون مبينة مؤكدة يعني: أن بكم وبهم حاجة إلى المخالطة والمداخلة يطوفون عليكم للخدمة وتطوفون عليهم للاستخدام فلو جزم الأمر بالاستئذان في كل وقت لأفضى إلى الحرج وهو مدفوع في الشرع بالنص كذلك يبين الله لكم الآيات أي : كما بين حكم الاستئذان يبين لكم غيره من الآيات التي احتجتم إلى بيانها والله عليم بمصالح عباده حكيم في بيان مراده

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية