الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 194 ] ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض كليا وجزئيا. ما يكون من نجوى ثلاثة أي ما يقع من تناجي ثلاثة، ويجوز أن يقدر مضاف أو يؤول نجوى بمتناجين ويجعل ( ثلاثة ) صفة لها، واشتقاقها من النجوة وهي ما ارتفع من الأرض فإن السر أمر مرفوع إلى الذهن لا يتيسر لكل أحد أن يطلع عليه. إلا هو رابعهم إلا الله يجعلهم أربعة من حيث إنه يشاركهم في الاطلاع عليها، والاستثناء من أعم الأحوال. ولا خمسة ولا نجوى خمسة. إلا هو سادسهم وتخصيص العددين إما لخصوص الواقعة فإن الآية نزلت في تناجي المنافقين، أو لأن الله تعالى وتر يحب الوتر، والثلاثة أول الأوتار أو لأن التشاور لا بد له من اثنين يكونان كالمتنازعين وثالث يتوسط بينهما، وقرئ ثلاثة و «خمسة» بالنصب على الحال بإضمار يتناجون أو تأويل نجوى بمتناجين. ولا أدنى من ذلك ولا أقل مما ذكر كالواحد والاثنين. ولا أكثر كالستة وما فوقها. إلا هو معهم يعلم ما يجري بينهم. وقرأ يعقوب ولا أكثر بالرفع عطفا على محل من نجوى أو محل لا أدنى بأن جعلت لا لنفي الجنس. أين ما كانوا فإن علمه بالأشياء ليس لقرب مكاني حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة. ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة تفضيحا لهم وتقريرا لما يستحقونه من الجزاء. إن الله بكل شيء عليم لأن نسبة ذاته المقتضية للعلم إلى الكل على السواء.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية