الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          294 - مسألة : ويستحب أن يختم القرآن كله مرة في كل شهر ; فإن ختمه في أقل : فحسن ، ويكره أن يختم في أقل من خمسة أيام ; فإن فعل ففي ثلاثة أيام لا يجوز أن يختم القرآن في أقل من ذلك .

                                                                                                                                                                                          ولا يجوز لأحد أن يقرأ أكثر من ثلث القرآن في يوم وليلة ؟ برهان ذلك : ما حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني القاسم بن زكرياء ثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن مولى بني زهرة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف { عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ القرآن في شهر قلت : إني أجد قوة ؟ [ ص: 97 ] قال : فاقرأه في عشرين ليلة ، قلت : إني أجد قوة ؟ قال : فاقرأه في سبع ، لا تزد على ذلك } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الصمد هو ابن عبد الوارث - ثنا همام بن يحيى ثنا قتادة عن يزيد بن عبد الله هو ابن الشخير - { عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كم أقرأ القرآن ؟ قال : في شهر } ثم ذكر الحديث وفيه : أنه عليه السلام قال له { : اقرأه في سبع ؟ قال : إني أقوى من ذلك ; قال عليه السلام : لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث } .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : قد كان عثمان يختم القرآن في ليلة ؟ قلنا : قد كره ذلك ابن مسعود ، وقال تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } ، وسنة رسول الله كما ذكرنا - : وروينا عن عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة وسفيان كلاهما عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز ؟ ، وعن عبد الرحمن بن مهدي ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ثنا حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف : أن سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن في ركعة ; وكان ابن مسعود يكره ذلك ؟ [ ص: 98 ] فإن ذكروا حديثا رويناه من طريق هشام الدستوائي عن عطاء بن السائب عن أبيه { عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف أقرأ القرآن ؟ قال : اقرأه في يوم وليلة ، لا تزيد على ذلك ؟ } .

                                                                                                                                                                                          فإن رواية عطاء لهذا الخبر مضطربة معلولة ، وعطاء قد اختلط بأخرة روينا هذا الخبر نفسه من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه { عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : اقرأ القرآن في شهر ، قال : فناقصني وناقصته } .

                                                                                                                                                                                          قال عطاء : فاختلفنا عن أبي ; فقال بعضنا : سبعة أيام ، وقال بعضنا خمسة .

                                                                                                                                                                                          قال علي : فعطاء يعترف باختلافهم على أبيه ، وأنه لم يحقق ما قال أبوه فإن ذكروا : أن داود عليه السلام كان يختم القرآن في ساعة ؟ قلنا : قرآن داود هو الزبور ، لا هذا القرآن ، وشريعته غير شريعتنا - وداود عليه السلام لم يبعث إلا إلى قومه خاصة ، لا إلينا ; ومحمد عليه السلام هو الذي بعث إلينا ، صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية