الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ( 9 ) وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما ( 10 ) )

يقول تعالى ذكره : إن هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدد من اهتدى به ( للتي هي أقوم ) يقول : للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل ، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه وهو الإسلام ، يقول جل ثناؤه : فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل التي ضل عنها سائر أهل الملل المكذبين به .

كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) قال : التي هي أصوب : هو الصواب وهو الحق; قال : والمخالف هو الباطل . وقرأ قول الله تعالى ( فيها كتب [ ص: 393 ] قيمة ) قال : فيها الحق ليس فيها عوج . وقرأ ( ولم يجعل له عوجا قيما ) يقول : قيما مستقيما .

وقوله ( ويبشر المؤمنين ) يقول : ويبشر أيضا مع هدايته من اهتدى به للسبيل الأقصد الذين يؤمنون بالله ورسوله ، ويعملون في دنياهم بما أمرهم الله به ، وينتهون عما نهاهم عنه بأن ( لهم أجرا ) من الله على إيمانهم وعملهم الصالحات ( كبيرا ) يعني ثوابا عظيما ، وجزاء جزيلا وذلك هو الجنة التي أعدها الله تعالى لمن رضي عمله .

كما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ( أن لهم أجرا كبيرا ) قال : الجنة ، وكل شيء في القرآن أجر كبير ، أجر كريم ، ورزق كريم فهو الجنة ،

وأن في قوله ( أن لهم أجرا كبيرا ) نصب بوقوع البشارة عليها ، وأن الثانية معطوفة عليها .

وقوله ( وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة ) يقول تعالى ذكره :

وأن الذين لا يصدقون بالمعاد إلى الله ، ولا يقرون بالثواب والعقاب في الدنيا ، فهم لذلك لا يتحاشون من ركوب معاصي الله ( أعتدنا لهم ) يقول : أعددنا لهم ، لقدومهم على ربهم يوم القيامة ( عذابا أليما ) يعني موجعا ، وذلك عذاب جهنم .

التالي السابق


الخدمات العلمية