الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم .



فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول لما بين حال الكفار أمر المؤمنين بلزوم الطاعة في أوامره والرسول في سننه . ولا تبطلوا أعمالكم أي حسناتكم بالمعاصي ، قاله الحسن . وقال الزهري : بالكبائر . ابن جريج : بالرياء والسمعة . وقال مقاتل والثمالي : بالمن ، وهو خطاب لمن كان يمن على النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسلامه . وكله متقارب ، وقول الحسن يجمعه . وفيه إشارة إلى أن الكبائر تحبط الطاعات ، والمعاصي تخرج عن الإيمان .

الثانية : احتج علماؤنا وغيرهم بهذه الآية على أن التحلل من التطوع - صلاة كان أو [ ص: 233 ] صوما - بعد التلبس به لا يجوز ; لأن فيه إبطال العمل وقد نهى الله عنه . وقال من أجاز ذلك - وهو الإمام الشافعي وغيره - : المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض ، فنهى الرجل عن إحباط ثوابه . فأما ما كان نفلا فلا ; لأنه ليس واجبا عليه . فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه ووجه تخصيصه أن النفل تطوع ، والتطوع يقتضي تخييرا . وعن أبي العالية كانوا يرون أنه لا يضر مع الإسلام ذنب ، حتى نزلت هذه الآية فخافوا الكبائر أن تحبط الأعمال . وقال مقاتل : يقول الله تعالى إذا عصيتم الرسول فقد أبطلتم أعمالكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية