الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 361 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة القصص

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      الخطاب في قوله : " ولك " يدل على أن المخاطب واحد ، وفي قوله : " لا تقتلوه " يدل على أنه جماعة .

                                                                                                                                                                                                                                      والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                      الأول : أن صيغة الجمع للتعظيم .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أنها تعني فرعون وأعوانه الذين هموا معه بقتل موسى ، فأفردت الضمير في قولها : " لك " ، لأن كونه : " قرة عين " في زعمها يختص بفرعون دونهم وجمعته في قولها : " لا تقتلوه " ، لأنهم شركاء معه في الهم بقتله .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أنها لما استعطفت فرعون على موسى التفتت إلى المأمورين بقتل الصبيان قائلة لهم : لا تقتلوه . معللة ذلك بقولها : عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قال لأهله امكثوا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أهله زوجته بدليل قوله : وسار بأهله [ 28 \ 29 ] ، لأن المعروف أنه سار من عند شعيب بزوجته ابنة شعيب أو غير شعيب على القول بذلك ، وقوله : " امكثوا " : خطاب جماعة الذكور ، فما وجه خطاب المرأة بخطاب جماعة الذكور .

                                                                                                                                                                                                                                      والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                      الأول : أن الإنسان يخاطب المرأة بخطاب الجماعة ، تعظيما لها ، ونظيره قول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 362 ]

                                                                                                                                                                                                                                      فإن شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أن معها خادما ، والعرب ربما خاطبت الاثنين خطاب الجماعة .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أنه كان له مع زوجته ولدان له اسم الأكبر منهما : جيرشوم واسم الأصغر اليعازر .

                                                                                                                                                                                                                                      والجواب الأول ظاهر ، والثاني والثالث محتملان لأنهما من الإسرائيليات ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إنك لا تهدي من أحببت .

                                                                                                                                                                                                                                      قد قدمنا أن وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى : وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [ 42 \ 52 ] أن الهدى المنفي عنه صلى الله عليه وسلم هو منح التوفيق والهدى المثبت له هو إبانة الطريق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية