الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين

                                                                                                                                                                                                                                      فإن لم يستجيبوا لك أي: فإن لم يفعلوا ما كلفتهم من الإتيان بكتاب أهدى منهما، كقوله تعالى: فإن لم تفعلوا وإنما عبر عنه بالاستجابة إيذانا بأنه صلى الله عليه وسلم على كمال أمن من أمره كأن أمره صلى الله عليه وسلم لهم بالإتيان بما ذكر دعاء لهم إلى أمر يريد وقوعه، والاستجابة تتعدى إلى الدعاء بنفسه، وإلى الداعي باللام، فيحذف الدعاء عند ذلك غالبا، ولا يكاد يقال: استجاب الله له دعاءه. فاعلم أنما يتبعون أهواءهم الزائفة من غير أن يكون لهم متمسك ما أصلا إذ لو كان لهم ذلك لأتوا به. ومن أضل ممن اتبع هواه استفهام إنكاري للنفي، أي: لا أضل ممن اتبع هواه. بغير هدى من الله أي: هو أضل من كل ضال، وإن كان ظاهر السبك لنفي الأصل لا لنفي المساوئ كما مر في نظائره مرارا، وتقييد اتباع الهوى بعدم الهدى من الله تعالى لزيادة التقريع، والإشباع في التشنيع، والتضليل، وإلا فمقارنته لهدايته تعالى بينة الاستحالة. إن الله لا يهدي القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بالانهماك في اتباع الهوى والإعراض عن الآيات الهادية إلى الحق المبين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية