الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون

                                                                                                                                                                                                                                      وما كان ربك مهلك القرى بيان للعناية الربانية إثر بيان إهلاك القرى المذكورة، أي: وما صح، وما استقام بل استحال في سنته المبنية على الحكم البالغة، أو ما كان في حكمه الماضي، وقضائه السابق أن يهلك القرى قبل الإنذار، بل كانت عادته أن لا يهلكها. حتى يبعث في أمها أي: في أصلها وقصبتها التي هي أعمالها وتوابعها لكون أهلها أفطن وأنبل. رسولا يتلو عليهم آياتنا الناطقة بالحق، ويدعوهم إليه بالترغيب والترهيب، وذلك لإلزام الحجة، وقطع المعذرة بأن يقولوا: لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك . والالتفات إلى نون العظمة لتربية المهابة، وإدخال الروعة، وقوله تعالى: وما كنا مهلكي القرى عطف على "ما كان ربك" وقوله تعالى: إلا وأهلها ظالمون استثناء مفرغ من أعم الأحوال، أي: وما كنا مهلكين لأهل القرى بعد ما بعثنا في أمها رسولا يدعوهم إلى الحق، ويرشدهم إليه في حال من الأحوال إلا حال كونهم ظالمين بتكذيب رسولنا، والكفر بآياتنا، فالبعث غاية لعدم صحة الإهلاك بموجب السنة الإلهية لا لعدم وقوعه حتى يلزم تحقق الإهلاك عقيب البعث، وقد مر تحقيقه في سورة بني إسرائيل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية