الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 21 ] أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين

                                                                                                                                                                                                                                      أفمن وعدناه وعدا حسنا أي: وعدا بالجنة فإن حسن الوعد بحسن الموعود. فهو لاقيه أي: مدركه لا محالة لاستحالة الخلف في وعده تعالى، ولذلك جيء بالجملة الاسمية المفيدة لتحققه البتة، وعطفت بالفاء المنبئة عن معنى السببية. كمن متعناه متاع الحياة الدنيا الذي هو مشوب بالآلام منغص بالأكدار مستتبع للتحسر على الانقطاع. ومعنى "الفاء" الأولى ترتيب إنكار التشابه بين أهل الدنيا، وأهل الآخرة، على ما قبلها من ظهور التفاوت بين متاع الحياة الدنيا، وبين ما عند الله تعالى، أي: أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوى بين الفريقين، وقوله تعالى: ثم هو يوم القيامة من المحضرين عطف على متعناه داخل معه في حيز الصلة مؤكد لإنكار التشابه، ومقرر له، كأنه قيل: كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم نحضره، أو أحضرناه يوم القيامة النار، أو العذاب. وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على التحقق حتما، وفي جعله من جملة المحضرين من التهويل ما لا يخفى. و "ثم" للتراخي في الزمان، أو في الرتبة. وقرئ: (ثم هو) بسكون الهاء تشبيها للمنفصل بالمتصل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية