الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بجر ]

                                                          بجر : البجر ، بالتحريك : خروج السرة ونتوها وغلظ أصلها . ابن سيده : البجرة السرة من الإنسان والبعير ، عظمت أو لم تعظم . وبجر بجرا ، فهو أبجر إذا غلظ أصل سرته فالتحم من حيث دق وبقي في ذلك العظم ريح ، والمرأة بجراء ، واسم ذلك الموضع البجرة والبجرة . والأبجر : الذي خرجت سرته ; ومنه حديث صفة قريش : أشحة بجرة ; هي جمع باجر ، وهو العظيم البطن . يقال : بجر يبجر بجرا ، فهو باجر وأبجر ، وصفهم بالبطانة ونتوء السرر ، ويجوز أن يكون كناية عن كنزهم الأموال واقتنائهم لها ، وهو أشبه بالحديث ; لأنه قرنه بالشح وهو أشد البخل . والأبجر : العظيم البطن ، والجمع من كل ذلك بجر وبجران ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          فلا يحسب البجران أن دماءنا حقين لهم في غير مربوبة وقر



                                                          أي لا يحسبن أن دماءنا تذهب فرغا باطلا أي عندنا من حفظنا لها في أسقية مربوبة ، وهذا مثل . ابن الأعرابي : الباجر المنتفخ الجوف ، والهردبة الجبان . الفراء : الباحر ، بالحاء : الأحمق ; قال الأزهري : وهذا غير الباجر ، ولكل معنى . الفراء : البجر والبجر انتفاخ البطن . وفي الحديث : أنه بعث بعثا فأصبحوا بأرض بجراء ; أي مرتفعة صلبة . والأبجر : الذي ارتفعت سرته وصلبت ; ومنه حديثه الآخر : أصبحنا في أرض عرونة بجراء ، وقيل : هي التي لا نبات بها . والأبجر : حبل السفينة لعظمه في نوع الحبال ، وبه سمي أبجر بن حاجز . والبجرة : العقدة في البطن خاصة ، وقيل : البجرة العقدة [ ص: 20 ] تكون في الوجه والعنق ، وهي مثل العجرة ; عن كراع . وبجر الرجل بجرا ، فهو بجر ومجر مجرا : امتلأ بطنه من الماء واللبن الحامض ولسانه عطشان مثل نجر ; وقال اللحياني : هو أن يكثر من شرب الماء أو اللبن ولا يكاد يروى ، وهو بجر مجر نجر . وتبجر النبيذ : ألح في شربه منه . والبجاري والبجارى : الدواهي والأمور العظام ، واحدها بجري وبجرية . والأباجير : كالبجاري ولا واحد له . والبجر ، بالضم : الشر والأمر العظيم . أبو زيد : لقيت منه البجاري أي الدواهي ، واحدها بجري مثل قمري وقماري ، وهو الشر والأمر العظيم . أبو عمرو : يقال إنه ليجيء بالأباجر ، وهي الدواهي ; قال الأزهري : فكأنها جمع بجر وأبجار ثم أباجر جمع الجمع . وأمر بجر : عظيم ، وجمعه أباجير ; عن ابن الأعرابي ، وهو نادر كأباطيل ونحوه . وقولهم : أفضيت إليك بعجري وبجري أي بعيوبي ، يعني : أمري كله . الأصمعي في باب إسرار الرجل إلى أخيه ما يستره عن غيره : أخبرته بعجري وبجري أي أظهرته من ثقتي به على معايبي . ابن الأعرابي : إذا كانت في السرة نفخة فهي بجرة ، وإذا كانت في الظهر فهي عجرة ; قال : ثم ينقلان إلى الهموم والأحزان . قال : ومعنى قول علي - كرم الله وجهه : أشكو إلى الله عجري وبجري ; أي همومي وأحزاني وغمومي . ابن الأثير : وأصل العجرة نفخة في الظهر فإذا كانت في السرة فهي بجرة ; وقيل : العجر العروق المتعقدة في الظهر ، والبجر العروق المتعقدة في البطن ثم نقلا إلى الهموم والأحزان ; أراد أنه يشكو إلى الله تعالى أموره كلها ما ظهر منها وما بطن . وفي حديث أم زرع : إن أذكره أذكر عجره وبجره ; أي أموره كلها باديها وخافيها ، وقيل : أسراره ، وقيل : عيوبه . وأبجر الرجل إذا استغنى غنى يكاد يطغيه بعد فقر كاد يكفره . وقال : هجرا وبجرا أي أمرا عجبا ، والبجر : العجب ; قال الشاعر :


                                                          أرمي عليها وهي شيء بجر     والقوس فيها وتر حبجر



                                                          وأورد الجوهري هذا الرجز مستشهدا به على البجر الشر والأمر العظيم ، وفسره فقال : أي داهية . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه : إنما هو الفجر أو البجر ; البجر ، بالفتح والضم : الداهية والأمر العظيم ، أي إن انتظرت حتى يضيء الفجر أبصرت الطريق ، وإن خبطت الظلماء أفضت بك إلى المكروه ، ويروى البحر ، بالحاء ، يريد غمرات الدنيا شبهها بالبحر لتحير أهلها فيها . وفي حديث علي - كرم الله وجهه : لم آت ، لا أبا لكم ، بجرا . أبو عمرو : البجير المال الكثير . وكثير بجير : إتباع . ومكان عمير بجير : كذلك . وأبجر وبجير : اسمان . وابن بجرة : خمار كان بالطائف ; قال أبو ذؤيب :


                                                          فلو أن ما عند ابن بجرة عندها     من الخمر ، لم تبلل لهاتي بناطل



                                                          وباجر : صنم كان للأزد في الجاهلية ومن جاورهم من طيئ ، وقالوا باجر ، بكسر الجيم . وفي نوادر الأعراب : ابجاررت عن هذا الأمر وابثاررت وبجرت ومجرت أي استرخيت وتثاقلت . وفي حديث مازن : كان لهم صنم في الجاهلية يقال له باجر ، تكسر جيمه وتفتح ، ويروى بالحاء المهملة ، وكان في الأزد ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          ذهبت فشيشة بالأباعر حولنا     سرقا فصب على فشيشة أبجر



                                                          قال : يجوز أن يكون رجلا ، ويجوز أن يكون قبيلة ، ويجوز أن يكون من الأمور البجارى ، أي صبت عليهم داهية ، وكل ذلك يكون خبرا ويكون دعاء . ومن أمثالهم : عير بجير بجره ، ونسي بجير خبره ; يعني عيوبه . قال الأزهري : قال المفضل : بجير وبجرة كانا أخوين في الدهر القديم وذكر قصتهما ، قال : والذي رأيت عليه أهل اللغة أنهم قالوا : البجير تصغير الأبجر ، وهو الناتئ السرة ، والمصدر البجر ، فالمعنى أن ذا بجرة في سرته عير غيره بما فيه ، كما قيل في امرأة عيرت أخرى بعيب فيها : رمتني بدائها وانسلت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية