الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 241 ] القول في قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا إلى قوله: بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون [الآيات: 61-81].

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ثم .قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون [ ص: 242 ] أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام والناسخ والمنسوخ:

                                                                                                                                                                                                                                      روي عن ابن عباس : أن قوله: إن الذين آمنوا والذين هادوا الآية منسوخ بقوله: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [آل عمران: 85].

                                                                                                                                                                                                                                      وقال غيره: ليست بمنسوخة، وهي فيمن ثبت على إيمانه من المؤمنين بالنبي عليه الصلاة والسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 243 ] [الأحكام]:

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة في هذا دليل على أن السنة في البقر الذبح، والنحر فيها جائز عند سائر الفقهاء، ولم يمنع مالك رضي الله عنه أكل ما نحر منها، واستحب ذبحها; لقرب المنحر من المذبح، وكره أكل البعير يذبح، أو الشاة تنحر لغير ضرورة، [وكذلك ما سنته النحر وما سنته الذبح ينحر لغير ضرورة، سوى ما تقدم من مذهبه في البقر].

                                                                                                                                                                                                                                      وأباح أكثر أهل العلم ذلك لغير ضرورة، وهو مذهب عطاء، والزهري، والشافعي، وابن حنبل، وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وما بين المنحر والمذبح منحر ومذبح، عند الضرورة، عند سائر العلماء، يجزئ في حال الضرورة ما أمكن من نحر أو ذبح.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يجزئ عند مالك وربيعة غير ذلك من المقاتل في الضرورة، [ ص: 244 ] ويجزئ عند عطاء، والحسن، وأبي حنيفة، وغيرهم أن يطعن عند الضرورة حيث ما أمكن، وروي نحو ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، وغيرهما من الصحابة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية