الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زبر ]

                                                          زبر : الزبر : الحجارة . وزبره بالحجارة : رماه بها . والزبر : طي البئر بالحجارة ، يقال : بئر مزبورة . وزبر البئر زبرا : طواها بالحجارة ؛ وقد ثناه بعض الأغفال وإن كان جنسا فقال :


                                                          حتى إذا حبل الدلاء انحلا وانقاض زبرا حاله فابتلا



                                                          وما له زبر أي ما له رأي ، وقيل : أي ما له عقل وتماسك ، وهو في الأصل مصدر ، وما له زبر وضعوه على المثل ، كما قالوا : ما له جول . أبو الهيثم : يقال للرجل الذي له عقل ورأي : له زبر وجول ، ولا زبر له ولا جول . وفي حديث أهل النار : وعد منهم الضعيف الذي لا زبر له أي لا عقل له يزبره وينهاه عن الإقدام على ما لا ينبغي . وأصل الزبر : طي البئر إذا طويت تماسكت واستحكمت ؛ واستعار ابن أحمر الزبر للريح فقال :


                                                          ولهت عليه كل معصفة     هوجاء ، ليس للبها زبر



                                                          وإنما يريد انحرافها وهبوبها وأنها لا تستقيم على مهب واحد فهي كالناقة الهوجاء ، وهي التي كأن بها هوجا من سرعتها . وفي الحديث : الفقير الذي ليس له زبر ؛ أي عقل يعتمد عليه . والزبر : الصبر ، يقال : ما له زبر ولا صبر . قال ابن سيده : هذه حكاية ابن الأعرابي ، قال : وعندي أن الزبر هاهنا العقل . ورجل زبير : رزين الرأي . والزبر : وضع البنيان بعضه على بعض . وزبرت الكتاب وذبرته : قرأته . والزبر : الكتابة . وزبر الكتاب يزبره ويزبره زبرا : كتبه ، قال : وأعرفه النقش في الحجارة ، وقال يعقوب : قال الفراء : ما أعرف تزبرتي ، فإما أن يكون هذا مصدر زبر أي كتب ، قال : ولا أعرفها مشددة ، وإما أن يكون اسما كالتنهية لمنتهى الماء والتودية للخشبة التي يشد بها خلف الناقة ؛ حكاها سيبويه . وقال أعرابي : إني لا أعرف تزبرتي أي كتابتي وخطي . وزبرت الكتاب إذا أتقنت كتابته . والزبر : الكتاب ، والجمع زبور مثل قدر وقدور ؛ ومنه قرأ بعضهم : " وآتينا داود زبورا " " . والزبور : الكتاب المزبور ، والجمع زبر ، كما قالوا رسول ورسل . وإنما مثلته به لأن زبورا ورسولا في معنى مفعول ، قال لبيد :


                                                          وجلا السيول عن الطلول كأنها     زبر ، تخذ متونها أقلامها



                                                          وقد غلب الزبور على صحف داود ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام . وكل كتاب : زبور ، قال الله - تعالى - : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر قال أبو هريرة : الزبور ما أنزل على داود من بعد الذكر من بعد التوراة . وقرأ سعيد بن جبير : في الزبور ، بضم الزاي ، وقال : الزبور التوراة والإنجيل والقرآن ، قال : والذكر الذي في السماء ؛ وقيل : الزبور فعول بمعنى مفعول كأنه زبر أي كتب . والمزبر ، بالكسر : القلم وفي حديث أبي بكر ، رضي الله عنه : أنه دعا في مرضه بدواة ومزبر فكتب اسم الخليفة بعده ، والمزبر : القلم . وزبره يزبره ، بالضم ، عن الأمر زبرا : نهاه وانتهره . وفي الحديث : إذا رددت على السائل ثلاثا فلا عليك أن تزبره أي تنهره وتغلظ له في القول والرد . والزبر ، بالفتح : الزجر والمنع لأن من زبرته عن الغي فقد أحكمته كزبر البئر بالطي " .

                                                          والزبرة : هنة ناتئة من الكاهل ، وقيل : هو الكاهل نفسه فقط ، وقيل : هي الصدرة من كل دابة ، ويقال : شد للأمر زبرته أي كاهله وظهره ؛ وقول العجاج :


                                                          بها وقد شدوا لها الأزبارا



                                                          قيل في تفسيره : جمع زبرة ، وغير معروف جمع فعلة على أفعال ، وهو عندي جمع الجمع كأنه جمع زبرة على زبر وجمع زبرا على أزبار ، ويكون جمع زبرة على إرادة حذف الهاء . والأزبر والمزبراني : الضخم الزبرة ؛ قال أوس بن حجر :


                                                          ليث عليه من البردي هبرية     كالمزبراني عيال بأوصال



                                                          هذه رواية خالد بن كلثوم ، قال ابن سيده : وهي عندي خطأ وعند بعضهم لأنه في صفة أسد ، والمزبراني : الأسد ، والشيء لا يشبه بنفسه ، قال : وإنما الرواية كالمرزباني . والزبرة : الشعر المجتمع للفحل والأسد وغيرهما ؛ وقيل : زبرة الأسد الشعر على كاهله ، وقيل : الزبرة : موضع الكاهل على الكتفين . ورجل أزبر : عظيم الزبرة زبرة الكاهل ، والأنثى زبراء ؛ ومنه زبرة الأسد . وأسد أزبر ومزبراني : ضخم الزبرة . والزبرة : كوكب من المنازل على التشبيه بزبرة الأسد . قال ابن كناسة : من كواكب الأسد الخراتان ، وهما كوكبان نيران بينهما قدر سوط ، وهما كتفا الأسد ، وهما زبرة الأسد ، وهما كاهلا الأسد ينزلهما القمر ، وهي كلها ثمانية . وأصل الزبرة : الشعر الذي بين كتفي الأسد . الليث : الزبرة شعر مجتمع على موضع الكاهل من الأسد وفي مرفقيه ؛ وكل شعر يكون كذلك مجتمعا ، فهو زبرة . وكبش زبير : عظيم الزبرة ، وقيل : هو مكتنز . زبرة الحديد : القطعة الضخمة منه ، والجمع زبر . قال الله - تعالى - : آتوني زبر الحديد وزبر ، بالرفع أيضا ، قال الله - تعالى - : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا أي قطعا . الفراء في قوله - تعالى - : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا من قرأ بفتح الباء أراد قطعا مثل قوله - تعالى - : آتوني زبر الحديد قال : والمعنى في زبر وزبر واحد ؛ وقال الزجاج : من قرأ زبرا أراد قطعا جمع زبرة وإنما أراد تفرقوا في دينهم . الجوهري : الزبرة القطعة من الحديد ، والجمع زبر . قال ابن بري : من قرأ زبرا فهو جمع زبور لا زبرة لأن فعلة لا تجمع على فعل ، والمعنى جعلوا دينهم كتبا مختلفة ، ومن قرأ زبرا ، وهي قراءة الأعمش ، فهي جمع زبرة بمعنى القطعة أي فتقطعوا قطعا ؛ قال : وقد يجوز أن يكون جمع زبور كما تقدم ، وأصله زبر ثم أبدل من الضمة الثانية فتحة كما حكى أهل اللغة أن بعض العرب يقول في جمع جديد جدد ، وأصله وقياسه جدد ، كما قالوا ركبات وأصله ركبات مثل غرفات [ ص: 10 ] وقد أجازوا غرفات أيضا ، ويقوي هذا أن ابن خالويه حكى عن أبي عمرو أنه أجاز أن يقرأ زبرا وزبرا وزبرا ، فزبرا بالإسكان هو مخفف من زبر كعنق مخفف من عنق ، وزبر ، بفتح الباء ، مخفف أيضا من زبر برد الضمة فتحة كتخفيف جدد من جدد . وزبرة الحداد : سندانه . وزبر الرجل يزبره زبرا : انتهره . والزبير : الشديد من الرجال . أبو عمرو : الزبر ، بالكسر والتشديد ، من الرجال الشديد القوي ؛ قال أبو محمد " الفقعسي :


                                                          أكون ثم أسدا زبرا



                                                          الفراء : الزبير الداهية . والزبارة : الخوصة حين تخرج من النواة . والزبير : الحمأة ؛ قال الشاعر :


                                                          وقد جرب الناس آل الزبير     فذاقوا من آل الزبير الزبيرا



                                                          وأخذ الشيء بزبره وزوبره وزغبره وزابره أي بجميعه فلم يدع منه شيئا ؛ قال ابن أحمر :


                                                          وإن قال عاو من معد قصيدة     بها جرب ، عدت علي بزوبرا



                                                          أي نسبت إلي بكمالها ؛ قال ابن جني : سألت أبا علي عن ترك صرف زوبر هاهنا فقال : علقه علما على القصيدة فاجتمع فيه التعريف والتأنيث كما اجتمع في سبحان التعريف وزيادة الألف والنون ؛ وقال محمد بن حبيب : الزوبر الداهية . قال ابن بري : الذي منع زوبر من الصرف أنه اسم علم للكلبة مؤنث ، قال : ولم يسمع بزوبر هذا الاسم إلا في شعره ؛ قال : وكذلك لم يسمع بماموسة اسما علما للنار إلا في شعره في قوله يصف بقرة :


                                                          تطايح الطل عن أعطافها صعدا     كما تطايح عن ماموسة الشرر



                                                          وكذلك سمى حوار الناقة بابوسا ولم يسمع في شعر غيره ، وهو قوله :


                                                          حنت قلوصي إلى بابوسها جزعا     فما حنينك أم ما أنت والذكر ؟



                                                          وسمى ما يلف على الرأس أرنة ولم توجد لغيره ، وهو قوله :


                                                          وتلفع الحرباء أرنته     متشاوسا لوريده نعر



                                                          قال وفي قول الشاعر :


                                                          عدت علي بزوبرا



                                                          أي قامت علي بداهية ، وقيل : معناه نسبت إلي بكمالها ولم أقلها . وروى شمر حديثا لعبد الله بن بشر أنه قال : جاء رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى داري فوضعنا له قطيفة زبيرة . قال ابن المظفر : كبش زبير أي ضخم ، وقد زبر كبشك زبارة أي ضخم ، وقد أزبرته أنا إزبارا . وجاء فلان بزوبره إذا جاء خائبا لم تقض حاجته . وزبراء : اسم امرأة ؛ وفي المثل : هاجت زبراء ؛ وهي هاهنا اسم خادم كانت للأحنف بن قيس ، وكانت سليطة فكانت إذا غضبت قال الأحنف : هاجت زبراء ، فصارت مثلا لكل أحد حتى يقال لكل إنسان إذا هاج غضبه : هاجت زبراؤه ، وزبراء تأنيث الأزبر من الزبرة ، وهي ما بين كتفي الأسد من الوبر ، وزبير وزبير ومزبر : أسماء . وازبأر الرجل : اقشعر . وازبأر الشعر والوبر والنبات : طلع ونبت . وازبأر الشعر : انتفش ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          لها ثنن كخوافي العقا     ب سود ، يفين إذا تزبئر



                                                          وازبأر للشر : تهيأ . ويوم مزبئر : شديد مكروه . وازبأر الكلب : تنفش ؛ قال الشاعر يصف فرسا وهو المرار بن منقذ الحنظلي .


                                                          فهو ورد اللون في ازبئراره     وكميت اللون ما لم يزبئر
                                                          قد بلوناه على علاته     وعلى التيسير منه والضمر



                                                          الورد : بين الكميت ، وهو الأحمر ، وبين الأشقر ؛ يقول : إذا سكن شعره استبان أنه كميت وإذا ازبأر استبان أصول الشعر ، وأصوله أقل صبغا من أطرافه ، فيصير في ازبئراره وردا ، والتيسير هو أن يتيسر الجري ويتهيأ له . وفي حديث شريح : إن هي هرت وازبأرت فليس لها . أي اقشعرت وانتفشت ، ويجوز أن يكون من الزبرة ، وهي مجتمع الوبر في المرفقين والصدر . وفي حديث صفية بنت عبد المطلب : كيف وجدت زبرا ، أأقطا وتمرا ، أو مشمعلا صقرا ؟ الزبر ، بفتح الزاي وكسرها . هو القوي الشديد ، وهو مكبر الزبير ، تعني ابنها ، أي كيف وجدته كطعام يؤكل أو كالصقر . والزبير : اسم الجبل الذي كلم الله عليه موسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، بفتح الزاي وكسر الباء ، وورد في الحديث . ابن الأعرابي : أزبر الرجل إذا عظم ، وأزبر إذا شجع . والزبير : الرجل الظريف الكيس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية