الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زلم ]

                                                          زلم : الزلم والزلم القدح الذي لا ريش عليه ، والجمع أزلام ، الجوهري : الزلم ، بالتحريك ، القدح ؛ قال الشاعر :


                                                          بات يقاسيها غلام كالزلم ليس براعي إبل ولا غنم



                                                          قال : وكذلك الزلم ، بضم الزاي ، والجمع الأزلام وهي السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها . وزلم القدح : سواه ولينه . وزلم الرحى : أدارها . وأخذ من حروفها ؛ قال ذو الرمة :


                                                          تفض الحصى عن مجمرات وقيعة     كأرحاء رقد زلمتها المناقر



                                                          شبه خف البعير بالرحى أي قد أخذت المناقر والمعاول من حروفها وسوتها . وزلمت الحجر أي قطعته وأصلحته للرحى ، قال : وهذا أصل قولهم هو العبد زلمة ، وقيل : كل ما حذق وأخذ من حروفه فقد زلم ، ويقال : قدح مزلم وقدح زليم إذا طر وأجيد قده [ ص: 53 ] وصنعته ، وعصا مزلمة ، وما أحسن ما زلم سهمه . وفي التنزيل العزيز : وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق ؛ قال الأزهري رحمه الله : الاستقسام مذكور في موضعه ، والأزلام كانت لقريش في الجاهلية مكتوب عليها أمر ونهي وافعل ولا تفعل ، قد زلمت وسويت ووضعت في الكعبة ، يقوم بها سدنة البيت ، فإذا أراد رجل سفرا أو نكاحا أتى السادن فقال : أخرج لي زلما ، فيخرجه وينظر إليه ، فإذا خرج قدح الأمر مضى على ما عزم عليه ، وإن خرج قدح النهي قعد عما أراده ، وربما كان مع الرجل زلمان وضعهما في قرابه ، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما ؛ قال الحطيئة يمدح أبا موسى الأشعري


                                                          لم يزجر الطير إن مرت به سنحا     ولا يفيض على قسم بأزلام



                                                          وقال طرفة :


                                                          أخذ الأزلام مقتسما     فأتى أغواهما زلمه



                                                          ويقال : مر بنا فلان يزلم زلمانا ويحذم حذمانا ؛ وقال ابن السكيت في قوله :


                                                          . . . . . . . . . . . . . . . . كأنها     ربابيح تنزو أو فرار مزلم



                                                          قال : الربابيح القرود العظام ، واحدها رباح . والمزلم : القصير الذنب . ابن سيده : والمزلم من الرجال القصير الخفيف الظريف ، شبه بالقدح الصغير ، وفرس مزلم : مقتدر الخلق . ويقال : للرجل إذا كان خفيف الهيئة وللمرأة التي ليست بطويلة : رجل مزلم وامرأة مزلمة مثل مقذذة . وزلم غذاءه أساءه فصغر جرمه لذلك . وقالوا هو العبد زلما ، عن اللحياني ، وزلمة وزلمة وزلمة وزلمة أي قده قد العبد وحذوه حذوه ، وقيل : معناه كأنه يشبه العبد حتى كأنه هو ؛ عن اللحياني ، قال : يقال ذلك في النكرة وكذلك في الأمة وفي الصحاح : أي قد قد العبد . يقال : هذا العبد زلما يا فتى أي قدا وحذوا ، وقيل : معنى كل ذلك حقا وعطاء مزلم : قليل . وزلمت عطاءه : قللته . والمزلم : الرجل القصير . ابن الأعرابي : المزلم والمزنم : الصغير الجثة ، والمزلم : السيء الغذاء ، والزلمة : هنة معلقة في حلق الشاة ، فإذا كانت في الأذن فهي زنمة ، وقد زنمتها ؛ وأنشد :


                                                          بات يقاسيها غلام كالزلم



                                                          وقال الليث : الزلمة تكون للمعزى في حلوقها متعلقة كالقرط ولها زلمتان ، وإذا كانت في الأذن فهي زنمة ، بالنون ، والنعت أزلم وأزنم ، والأنثى زلماء وزنماء ، والمزنم : المقطوع طرف الأذن والمزلم والمزنم من الإبل : الذي تقطع أذنه وتترك له زلمة أو زنمة ؛ قال أبو عبيد : وإنما يفعل ذلك بالكرام منها . وشاة زلماء : مثل زنماء ، والذكر أزلم . ابن شميل : ازدلم فلان رأس فلان أي قطعه ، وزلم الله أنفه . وأزلام البقر : قوائمها ، قيل : لها أزلام للطافتها ، شبهت بأزلام القداح . والزلم والزلم : الظلف الأخيرة عن كراع ، والجمع أزلام ، وخص بعضهم به أظلاف البقر . والزلم : الزمع الذي خلف الأظلاف ، والجمع أزلام : قال :


                                                          تزل على الأرض أزلامه     كما زلت القدم الآزحه



                                                          الآزحة : الكثيرة لحم الأخمص ، شبهها بأزلام القداح ، واحدها زلم ، وهو القدح المبري ؛ وقال الأخفش : واحد الأزلام زلم وزلم . وفي حديث الهجرة : قال سراقة : فأخرجت زلما ، وفي رواية : الأزلام ، وهي القداح التي كانت في الجاهلية ، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له ، فإذا أراد سفرا أو رواحا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما ، فإن خرج الأمر مضى لشأنه ، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله . والأزلم الجذع : الدهر ، وقيل : الدهر الشديد ، وقيل : الشديد المر ، وقيل : هو المتعلق به البلايا والمنايا ، وقال : يعقوب : سمي بذلك لأن المنايا منوطة به تابعة له ؛ قال الأخطل :


                                                          يا بشر ، لو لم أكن منكم بمنزلة     ألقى علي يديه الأزلم الجذع



                                                          وهو الأزنم الجذع ، فمن قالها بالنون فمعناه أن المنايا منوطة به ، أخذها من زنمة الشاة ، ومن قال : الأزلم أراد خفتها ؛ قال ابن بري : وقال عباس بن مرداس :


                                                          إني أرى لك أكلا لا يقوم به     من الأكولة ، إلا الأزلم الجذع



                                                          قال : وقيل : البيت لمالك بن ربيعة العامري يقوله لأبي خباشة عامر بن كعب بن عبد الله بن أبي بن كلاب ، وأصل الأزلم الجذع الوعل . ويقال : للوعل : مزلم ؛ وقال :


                                                          لو كان حي ناجيا لنجا     من يومه ، المزلم الأعصم



                                                          وقد ذكر أن الوعول والظباء لا يسقط لها سن فهي جذعان أبدا ، وإنما يريدون أن الدهر على حال واحدة . وقالوا : أودى به الأزلم الجذع والأزنم الجذع أي أهلكه الدهر ، يقال : ذلك لما ولى وفات ويئس منه . ويقال : لا آتيه الأزلم الجذع أي لا آتيه أبدا ، ومعناه أن الدهر باق على حاله لا يتغير على طول إناه فهو أبدا جذع لا يسن . والزلماء : الأروية ، وقيل : أنثى الصقور كلاهما عن كراع وزلم الإناء ملأه ؛ هذه عن أبي حنيفة . وزلمت الحوض فهو مزلوم إذا ملأته ؛ وقال :


                                                          حابية كالثغب المزلوم

                                                          أبو عمرو : الأزلام الوبار ، واحدها زلم : وقال : قحيف :


                                                          يبيت مع الأزلام في رأس حالق     ويرتاد ما لم تحترزه المخاوف



                                                          وفي حديث سطيح :


                                                          أم فاد فازلم به شأو العنن

                                                          قال ابن الأثير : فازلم أي ذهب مسرعا ، والأصل فيه ازلأم فحذف الهمزة تخفيفا ، وقيل : أصلها ازلام كاشهاب ، فحذف الألف تخفيفا ، وقيل : ازلم قبض ، والعنن الموت أي عرض له الموت [ ص: 54 ] فقبضه . وزليم وزلام اسمان . وازلأم القوم ازلئماما : ارتحلوا ؛ قال العجاج :


                                                          واحتملوا الأمور فازلأموا

                                                          والمزلئم : الذاهب الماضي ، وقيل : هو المرتفع في سير أو غيره ؛ قال كثير :


                                                          تأرض أخفاف المناخة منهم     مكان التي قد بعدت فازلأمت



                                                          أي ذهبت فمضت ، وقيل : ارتفعت في سيرها . ويقال : للرجل إذا نهض فانتصب : قد ازلأم . وازلأم النهار إذا ارتفع . وازلأمت الضحى انبسطت . الجوهري : ازلأم القوم ازلئماما أي ولوا سراعا . وازلأم الشيء : انتصب . وازلأم النهار إذا ارتفع ضحاؤه ، وقيل : في شأو العنن : إنه اعتراض الموت على الخلق .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية