nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29020ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=8فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم
الاستدراك المستفاد من ( لكن ) ناشئ عن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم لأنه اقتضى أن لبعضكم رغبة في أن يطيعهم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرغبون أن يفعله مما يبتغون مما يخالونه صالحا بهم في أشياء كثيرة تعرض لهم .
والمعنى : ولكن الله لا يأمر رسوله إلا بما فيه صلاح العاقبة وإن لم يصادف رغباتكم العاجلة وذلك فيما شرعه الله من الأحكام ، فالإيمان هنا مراد منه أحكام الإسلام وليس مرادا منه الاعتقاد ، فإن اسم الإيمان واسم الإسلام يتواردان ، أي حبب إليكم الإيمان الذي هو الدين الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا تحريض على التسليم لما يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في معنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ، ولذا فكونه حبب إليهم الإيمان إدماج وإيجاز . والتقدير : ولكن الله شرع لكم الإسلام وحببه إليكم أي دعاكم إلى حبه والرضى به فامتثلتم .
وفي قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان تعريض بأن
nindex.php?page=treesubj&link=28750الذين لا يطيعون الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم بقية من الكفر والفسوق ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون إلى قوله : هم الظالمون .
والمقصود من هذا أن يتركوا ما ليس من أحكام الإيمان فهو من قبيل قوله
[ ص: 237 ] nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان تحذيرا لهم من الحياد عن مهيع الإيمان وتجنيبا لهم ما هو من شأن أهل الكفر .
فالخبر في قوله : حبب إليكم الإيمان إلى قوله : والعصيان مستعمل في الإلهاب وتحريك الهمم لمراعاة الإيمان وكراهة الكفر والفسوق والعصيان ، أي إن كنتم أحببتم الإيمان وكرهتم الكفر والفسوق والعصيان فلا ترغبوا في حصول ما ترغبونه إذا كان الدين يصد عنه وكان الفسوق والعصيان يدعو إليه . وفي هذا إشارة إلى أن الاندفاع إلى تحصيل المرغوب من الهوى دون تمييز بين ما يرضي الله وما لا يرضيه أثر من آثار الجاهلية من آثار الكفر والفسوق والعصيان .
وذكر اسم الله في صدر جملة الاستدراك دون ضمير المتكلم لما يشعر به اسم الجلالة من المهابة والروعة .
وما يقتضيه من واجب اقتبال ما حبب إليه ونبذ ما كره إليه .
وعدي فعلا " حبب " و " كره " بحرف ( إلى ) لتضمينها معنى بلغ ، أي بلغ إليكم حب الإيمان وكره الكفر .
ولم يعد فعل " وزينه " بحرف ( إلى ) مثل فعلي " حبب " و " كره " ، للإيماء إلى أنه لما رغبهم في الإيمان وكرههم الكفر امتثلوا فأحبوا الإيمان وزان في قلوبهم .
والتزيين : جعل الشيء زينا ، أي حسنا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16674عمر بن أبي ربيعة :
أجمعت خلتي مع الفجر بينا جلل الله ذلك الوجه زينا
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7أولئك هم الراشدون معترضة للمدح . والإشارة بـ " أولئك " إلى ضمير المخاطبين في قوله : " إليكم " مرتين وفي قوله : " قلوبكم " أي الذين أحبوا الإيمان وتزينت به قلوبهم ، وكرهوا الكفر والفسوق والعصيان هم الراشدون ، أي هم المستقيمون على طريق الحق .
وأفاد ضمير الفصل القصر وهو قصر إفراد إشارة إلى أن بينهم فريقا ليسوا براشدين وهم الذين تلبسوا بالفسق حين تلبسهم به فإن أقلعوا عنه التحقوا بالراشدين .
[ ص: 238 ] وانتصب
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=8فضلا من الله ونعمة على المفعول المطلق المبين للنوع من أفعال " حبب وزين وكره " لأن ذلك التحبيب والتزيين والتكريه من نوع الفضل والنعمة .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=8والله عليم حكيم تذييل لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7واعلموا أن فيكم رسول الله إلى آخرها إشارة إلى أن ما ذكر فيها من آثار علم الله وحكمته . والواو اعتراضية .
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29020وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=8فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
الِاسْتِدْرَاكُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ( لَكِنَّ ) نَاشِئٌ عَنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ لِأَنَّهُ اقْتَضَى أَنَّ لِبَعْضِكُمْ رَغْبَةً فِي أَنْ يُطِيعَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْغَبُونَ أَنْ يَفْعَلَهُ مِمَّا يَبْتَغُونَ مِمَّا يَخَالُونَهُ صَالِحًا بِهِمْ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ تُعْرَضُ لَهُمْ .
وَالْمَعْنَى : وَلَكِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ رَسُولَهَ إِلَّا بِمَا فِيهِ صَلَاحُ الْعَاقِبَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ رَغَبَاتِكُمُ الْعَاجِلَةَ وَذَلِكَ فِيمَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَحْكَامِ ، فَالْإِيمَانُ هَنَا مُرَادٌ مِنْهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ مُرَادًا مِنْهُ الِاعْتِقَادُ ، فَإِنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ وَاسْمَ الْإِسْلَامِ يَتَوَارَدَانِ ، أَيْ حُبِّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ الدِّينُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا تَحْرِيضٌ عَلَى التَّسْلِيمِ لِمَا يَأْمُرُ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، وَلِذَا فَكَوْنُهُ حَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَانَ إِدْمَاجٌ وَإِيجَازٌ . وَالتَّقْدِيرُ : وَلَكِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لَكُمُ الْإِسْلَامَ وَحَبَّبَهُ إِلَيْكُمْ أَيْ دَعَاكُمْ إِلَى حُبِّهِ وَالرِّضَى بِهِ فَامْتَثَلْتُمْ .
وَفِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28750الَّذِينَ لَا يُطِيعُونَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ بَقِيَّةٌ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ إِلَى قَوْلِهِ : هُمُ الظَّالِمُونَ .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا أَنْ يَتْرُكُوا مَا لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ
[ ص: 237 ] nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ تَحْذِيرًا لَهُمْ مِنَ الْحِيَادِ عَنْ مَهِيعِ الْإِيمَانِ وَتَجْنِيبًا لَهُمْ مَا هُوَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْكُفْرِ .
فَالْخَبَرُ فِي قَوْلِهِ : حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ إِلَى قَوْلِهِ : وَالْعِصْيَانَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِلْهَابِ وَتَحْرِيكِ الْهِمَمِ لِمُرَاعَاةِ الْإِيمَانِ وَكَرَاهَةِ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ ، أَيْ إِنْ كُنْتُمْ أَحْبَبْتُمُ الْإِيمَانَ وَكَرِهْتُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ فَلَا تَرْغَبُوا فِي حُصُولِ مَا تَرْغَبُونَهُ إِذَا كَانَ الدِّينُ يَصُدُّ عَنْهُ وَكَانَ الْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ يَدْعُو إِلَيْهِ . وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الِانْدِفَاعَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَرْغُوبِ مِنَ الْهَوَى دُونَ تَمْيِيزٍ بَيْنَ مَا يُرْضِي اللَّهَ وَمَا لَا يُرْضِيهِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ .
وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ فِي صَدْرِ جُمْلَةِ الِاسْتِدْرَاكِ دُونَ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ اسْمُ الْجَلَالَةِ مِنَ الْمَهَابَةِ وَالرَّوْعَةِ .
وَمَا يَقْتَضِيهِ مِنْ وَاجِبِ اقْتِبَالِ مَا حَبَّبَ إِلَيْهِ وَنَبْذِ مَا كَرَّهَ إِلَيْهِ .
وَعُدِيَّ فِعْلَا " حَبَّبَ " وَ " كَرَّهَ " بِحَرْفِ ( إِلَى ) لِتَضْمِينِهَا مَعْنَى بَلَّغَ ، أَيْ بَلَّغَ إِلَيْكُمْ حُبَّ الْإِيمَانِ وَكُرْهَ الْكُفْرِ .
وَلَمْ يُعَدَّ فِعْلُ " وَزَيَّنَهُ " بِحَرْفِ ( إِلَى ) مِثْلَ فِعْلَيْ " حَبَّبَ " وَ " كَرَّهَ " ، لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَمَّا رَغَّبَهُمْ فِي الْإِيمَانِ وَكَرَّهَهُمُ الْكُفْرَ امْتَثَلُوا فَأَحَبُّوا الْإِيمَانَ وَزَانَ فِي قُلُوبِهِمْ .
وَالتَّزْيِينُ : جَعْلُ الشَّيْءِ زَيْنًا ، أَيْ حَسَنًا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16674عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ :
أَجْمَعَتْ خُلَّتَيْ مَعَ الْفَجْرِ بَيْنَا جَلَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْوَجْهَ زَيْنَا
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ مُعْتَرِضَةٌ لِلْمَدْحِ . وَالْإِشَارَةُ بِـ " أُولَئِكَ " إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ فِي قَوْلِهِ : " إِلَيْكُمْ " مَرَّتَيْنِ وَفِي قَوْلِهِ : " قُلُوبِكُمْ " أَيِ الَّذِينَ أَحَبُّوا الْإِيمَانَ وَتَزَيَّنَتْ بِهِ قُلُوبُهُمْ ، وَكَرِهُوا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ، أَيْ هُمُ الْمُسْتَقِيمُونَ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ .
وَأَفَادَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ الْقَصْرَ وَهُوَ قَصْرُ إِفْرَادٍ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ بَيْنَهُمْ فَرِيقًا لَيْسُوا بِرَاشِدِينَ وَهُمُ الَّذِينَ تَلَبَّسُوا بِالْفِسْقِ حِينَ تَلَبُّسِهِمْ بِهِ فَإِنْ أَقْلَعُوا عَنْهُ الْتَحَقُوا بِالرَّاشِدِينَ .
[ ص: 238 ] وَانْتَصَبَ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=8فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْمُبَيِّنِ لِلنَّوْعِ مِنْ أَفْعَالِ " حَبَّبَ وَزَيَّنَ وَكَرَّهَ " لِأَنَّ ذَلِكَ التَّحْبِيبَ وَالتَّزْيِينَ وَالتَّكْرِيهَ مِنْ نَوْعِ الْفَضْلِ وَالنِّعْمَةِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=8وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ إِلَى آخِرِهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ آثَارِ عِلْمِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ . وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ .