الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 248 ] كتاب nindex.php?page=treesubj&link=2329الصيام هو في اللغة الإمساك ويستعمل في كل إمساك ، يقال : صام ، إذا سكت ، وصامت الخيل : وقفت ، وفي الشرع إمساك مخصوص عن شيء مخصوص وفي زمن مخصوص من شخص مخصوص ، ويقال : رمضان وشهر رمضان ، وهذا هو الصحيح الذي ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والمحققون ، قالوا : ولا كراهة في قول : رمضان . وقال أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : يكره أن يقال : رمضان ، بل لا يقال إلا شهر رمضان ، سواء إن كان هناك قرينة أم لا ، وزعموا أن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد والحسن والطريق إليهما ضعيف ورواه عن nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب . واحتجوا بحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=26022لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان } وهذا حديث ضعيف ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره ، والضعف فيه بين ، فإن من رواته نجيح السندي وهو ضعيف سيء الحفظ . وقال أكثر أصحابنا ، أو كثير منهم ، nindex.php?page=showalam&ids=12604وابن الباقلاني : إن كان هناك قرينة تصرفه إلى شهر رمضان فلا كراهة وإلا فيكره ، قالوا : فيقال : صمنا رمضان وقمنا رمضان ، ورمضان أفضل الأشهر ، وتطلب ليلة القدر في أواخر رمضان ، وأشباه ذلك ، ولا كراهة في هذا كله ، قالوا : وإنما يكره أن يقال : جاء رمضان ، ودخل رمضان وحضر رمضان ، وأحب [ ص: 249 ] رمضان ، والصواب أنه لا كراهة في قول رمضان مطلقا ، والمذهبان الآخران فاسدان ; لأن الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع ولم يثبت فيه نهي ، وقولهم : إنه من أسماء الله تعالى ليس بصحيح ، ولم يصح فيه شيء وأسماء الله تعالى توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح ، ولو ثبت أنه اسم لم يلزم منه كراهة . وقد ثبتت أحاديث كثيرة في الصحيحين في nindex.php?page=treesubj&link=2329تسميته رمضان من غير شهر في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9822إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بهذا اللفظ ، وفي رواية لهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=9940إذا دخل رمضان } وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10463إذا كان رمضان } وأشباه هذا في الصحيحين غير منحصرة . والله تعالى أعلم .
( فرع ) لا يجب nindex.php?page=treesubj&link=2532_3777_2332صوم غير رمضان بأصل الشرع بالإجماع ، وقد يجب بنذر وكفارة ، وجزاء الصيد ونحوه ، ودليل الإجماع { nindex.php?page=hadith&LINKID=26977قوله صلى الله عليه وسلم حين سأله الأعرابي عن الإسلام فقال : وصيام رمضان ، قال : هل علي غيره ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، من رواية nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه .
( فرع ) روى أبو داود بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : " nindex.php?page=treesubj&link=27079_2553_2547_2497_2491أحيل الصيام ثلاثة أحوال " وذكر الحديث قال : ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=42007وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، ويصوم يوم عاشوراء . فأنزل الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } الآية ، فكان من شاء أن يصوم ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا أجزأه ذلك . فهذا حول فأنزل الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ، } فثبت الصيام على من شهد الشهر وعلى المسافر أن يقضي . وثبت الطعام للشيخ الكبير والعجوز [ ص: 250 ] اللذين لا يستطيعان الصوم ) هذا لفظ رواية أبي داود ، وذكره في كتاب الأذان في آخر الباب الأول منه وهو مرسل . فإن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا لم يدركه nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بمعناه ولفظه { nindex.php?page=hadith&LINKID=23669فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام بعدما قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، وصام عاشوراء . فصام سبعة عشر شهرا ، شهر ربيع إلى شهر ربيع إلى رمضان . ثم إن الله تعالى فرض عليه شهر رمضان وأنزل عليه { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } وذكر باقي الحديث } . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هذا مرسل ، وفي رواية له عن nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17952حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : nindex.php?page=treesubj&link=27079_2553_2491أحيل الصوم على ثلاثة أحوال قدم الناس بالمدينة ولا عهد لهم بالصيام ، فكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر حتى نزل { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شهر رمضان } فاستنكروا ذلك ، وشق عليهم فكان من أطعم مسكينا كل يوم ترك الصيام ممن يطيقه ، رخص لهم في ذلك ، ونسخه { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وأن تصوموا خير لكم } فأمروا بالصيام } . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا في صحيحه تعليقا بصيغة جزم ، فيكون صحيحا ، كما تقررت قاعدته وهذا لفظه قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير : حدثنا الأعمش بن عمرو بن مرة بن أبي ليلى قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17953حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ، ورخص لهم في ذلك فنسختها { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وأن تصوموا خير لكم } فأمروا بالصوم }
. ( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33394لما نزلت هذه الآية { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } كان من أراد أن يفطر ويفدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها } وفي رواية : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28980كنا في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ، ومن [ ص: 251 ] شاء أفطر ، فافتدى بطعام مسكين ، حتى نزلت هذه الآية { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه } } رواهما nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وهذا لفظه .
( فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=2335 { صام رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان تسع سنين } ; لأنه فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة ، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة .
( فرع ) قال أصحابنا وغيرهم : nindex.php?page=treesubj&link=2427_2426_2428_2422كان الإسلام يحرم على الصائم الأكل والشرب والجماع ، ومن حين ينام أو يصلي العشاء الآخرة ، فأيهما وجد أولا حصل به التحريم ، ثم نسخ ذلك وأبيح الجميع إلى طلوع الفجر ، سواء نام أم لا . احتجوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27181كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي ، وإن قيس بن صرمة الأنصاري رضي الله عنه كان صائما ، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها : عندك طعام ؟ قالت : لا ، ولكن أنطلق فأطلب لك ، وكان يومه يعمل ، فغلبته عيناه فجاءته امرأته فلما رأته قالت : خيبة لك ، فلما انتصف النهار غشي عليه ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } ففرحوا بها فرحا شديدا ، ونزلت { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27992كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء ، وصاموا إلى القابلة ، فاختان رجل نفسه فجامع امرأته ، وقد صلى العشاء ولم يفطر ، فأراد الله تعالى أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي ، ورخصة ومنفعة ، فقال عز وجل : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } . [ ص: 252 ] وكان هذا مما نفع الله تعالى به الناس ورخص لهم ويسره } رواه أبو داود ، وفي إسناده ضعف ، ولم يضعفه أبو داود . والله تعالى أعلم .