الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا [14].

                                                                                                                                                                                                                                        قال الفراء : هلت التراب إذا حركت أسفله فسقط أعلاه، وقال أبو عبيد : يقال لكل شيء أرسلته إرسالا من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه: قد هلته أهيله هيلا إذا أرسلته، فهو مهيل. قال أبو جعفر : الأصل مهيول، فأعل، فألقيت حركة الياء على الهاء، فالتقى ساكنان، واختلف النحويون بعد هذا، فقال الخليل وسيبويه : حذفت الواو لالتقاء الساكنين؛ لأنها زائدة وكسرت الهاء لمجاورتها الياء، فقيل: مهيل. وزعم الكسائي والفراء والأخفش أن هذا خطأ، والحجة لهم أن الواو جاءت لمعنى فلا تحذف، ولكن حذفت الياء، فكان يلزمهم على هذا أن يقولوا: مهول، فاحتجوا بأن الهاء كسرت لمجاورتها الياء، فلما حذفت الياء انقلبت الواو ياء لمجاورتها الكسرة. قال أبو جعفر : وهذا باب التصريف وغامض النحو، وقد أجمعوا جميعا على أنه يجوز مهيول ومبيوع ومكيول ومغيوم.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 59 ] قال أبو زيد : هي لغة لتميم ، وقال علقمة بن عبدة :


                                                                                                                                                                                                                                        505 - يوم رذاذ عليه الدجن مغيوم



                                                                                                                                                                                                                                        فهذا جائز في ذوات الياء، ولا يجيزه البصريون في ذوات الواو، ولا يجوز عندهم: خاتم مصووغ ولا كلام مقوول لثقل هذا؛ لأنه قد اجتمعت واوان وضمة، وهم يستثقلون الواحدة ويفرون منها، قال جل وعز: ( وإذا الرسل أقتت ) كذا في المصحف المجتمع عليه، قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        506 - لكل دهر قد لبست أثؤبا



                                                                                                                                                                                                                                        فأبدل من الواو همزة، وأجاز النحويون: رمل مهول، وثوب مبوع ينوه على بوع الثوب، فأبدل من الياء واو لضمة ما قبلها وأنشد الفراء :


                                                                                                                                                                                                                                        507 - ألم تر أن الملك قد شون وجهه     ونبع بلاد الله قد صار عوسجا



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 60 ] يريد ( شين ) وأنشد الكسائي والفراء .


                                                                                                                                                                                                                                        508 - ويأوي إلى زغب مساكين دونهم     فلا لا تخطاه الركاب مهوب



                                                                                                                                                                                                                                        واللغة العالية التي جاء بها القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                        قال عائد بن محصن بن ثعلبة:


                                                                                                                                                                                                                                        509 فأبقى باطلي والحد منها     كدكان الدرابنة المطين



                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية