الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أخبر بخسرانهم، دل عليه] بما عطف على ما أرشد [ ص: 178 ] إليه السياق من تقديره من قولي: فأعرضوا - أي: هؤلاء العرب - وقالوا - هكذا كان الأصل ولكنه قال تنبيها على الوصف الذي أوجب إعراضهم: وقال الذين كفروا أي: ستروا ما دلتهم عليه عقولهم من الحق لا تسمعوا أي: شيئا من مطلق السماع لهذا القرآن تعيينا بالإشارة احترازا من غيره من الكتب القديمة كالتوراة، قال القشيري: لأنه يغلب القلوب ويسلب العقول، وكل من استمع له صبا إليه والغوا [أي: أهذوا] من لغي -بالكسر يلغى - بالفتح - إذا تكلم بما لا فائدة [فيه] فيه أي: اجعلوه ظرفا للغو بأن تكثروا من الخرافات والهذيانات واللغو بالمكاء والتصدية أي: الصفير والتصفيق وغيرهما في حال تلاوته ليقع تاليه في السهو والغلط، قال القشيري: قالوا ذلك ولم يعلموا أن من نور قلبه بالإيمان وأيد بالفهم وأمد بالبصيرة وكوشف بسماع السر من الغيب، فهو الذي يسمع ويؤمن، والذي هو في ظلمات جهله لا يدخل الإيمان قلبه، ولا يباشر السماع سره.

                                                                                                                                                                                                                                      لعلكم تغلبون أي: ليكون حالكم حال من يرجى له أن يغلب ويظفر بمراده في أن يميل إليه أحد، أو يسكت [ ص: 179 ] أو ينسى ما كان يقول، وهذا يدل على أنهم عارفون بأن من سمعه ولا هوى عنده مال إليه وأقبل بكليته عليه، وقد فضحوا أنفسهم بهذا فضيحة لا مثل لها، وذلك لأنهم تحدوا به في أن يأتوا بشيء من مثله ليعدوا غالبين فلم يجدوا شيئا يترجون به الغلب إلا الصفير والتصفيق ونحوه من اللغو في معارضة ما علا من أعلى ذرى الكلام إلى حيث لا مطمع ولا مرام، فلا يفيد ما أتوا به معنى غير أنهم عاجزون عن المعارضة قاطعون بأنهم متى أتوا بشيء منها افتضحوا، وقطع كل من سمعه بأنهم مغلوبون.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية