الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شعع

                                                          شعع : الشعاع : ضوء الشمس الذي تراه عند ذرورها كأنه الحبال أو القضبان مقبلة عليك إذا نظرت إليها ، وقيل : هو الذي تراه ممتدا كالرماح بعيد الطلوع ، وقيل : الشعاع انتشار ضوئها ; قال قيس بن الخطيم :


                                                          طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر [ ص: 93 ] لها نفذ لولا الشعاع أضاءها

                                                          ، وقال أبو يوسف : أنشدني ابن معن عن الأصمعي : لولا الشعاع بضم الشين ، وقال : هو ضوء الدم وحمرته وتفرقه فلا أدري أقاله وضعا أم على التشبيه ، ويروى الشعاع بفتح الشين وهو تفرق الدم وغيره ، وجمع الشعاع أشعة وشعع . وفسر الأزهري هذا البيت ، فقال : لولا انتشار سنن الدم لأضاءها النفذ حتى تستبين ، وقال أيضا شعاع الدم ما انتشر إذا استن من خرق الطعنة . ويقال : سقيته لبنا شعاعا أي ضياحا أكثر ماؤه ، قال : والشعشعة بمعنى المزج منه . ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - : إن الشهر قد تشعشع فلو صمنا بقيته ، كأنه ذهب به إلى رقة الشهر وقلة ما بقي منه كما يشعشع اللبن بالماء . وتشعشع الشهر تقضى إلا أقله . وقد روي حديث عمر - رضي الله عنه - تشعسع من الشسوع الذي هو البعد بذلك فسره أبو عبيد وهذا لا يوجبه التصريف . وأشعت الشمس : نشرت شعاعها قال :


                                                          إذا سفرت تلألأ وجنتاها     كإشعاع الغزالة في الضحاء

                                                          ومنه حديث ليلة القدر : وإن الشمس تطلع من غد يومها لا شعاع لها ، الواحدة شعاعة ، وظل شعشع أي ليس بكثيف ، ومشعشع أيضا كذلك ، ويقال : الشعشع الظل الذي لم يظلك كله ففيه فرج . وشع السنبل وشعاعه وشعاعه وشعاعه : سفاه إذا يبس ما دام على السنبل . وقد أشع الزرع : أخرج شعاعه . أبو زيد : شاع الشيء يشيع وشع يشع شعا وشعاعا كلاهما إذا تفرق ، وشعشعنا عليهم الخيل نشعشعها . والشعاع : المتفرق . وتطاير القوم شعاعا أي متفرقين . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - : سترون بعدي ملكا عضوضا وأمة شعاعا أي متفرقين مختلفين . وذهب شعاعا أي متفرقا . وطار فؤاده شعاعا : تفرقت همومه . يقال : ذهبت نفسي شعاعا إذا انتشر رأيها فلم تتجه لأمر جزم ورجل شعاع الفؤاد منه . ورأي شعاع أي : متفرق . ونفس شعاع : متفرقة قد تفرقت هممها ; قال قيس بن ذريح :


                                                          فلم ألفظك من شبع ولكن     أقضي حاجة النفس الشعاع

                                                          ، وقال أيضا :


                                                          فقدتك من نفس شعاع ألم أكن     نهيتك عن هذا وأنت جميع ؟

                                                          قال ابن بري : ومثل هذا لقيس بن معاذ مجنون بني عامر :


                                                          فلا تتركي نفسي شعاعا ، فإنها     من الوجد قد كادت عليك تذوب

                                                          والشعشاع أيضا : المتفرق ; قال الراجز :


                                                          صدق اللقاء غير شعشاع الغدر

                                                          يقول : هو جميع الهمة غير متفرقها : وتطايرت العصا والقصبة شعاعا إذا ضربت بها على حائط فتكسرت وتطايرت قصدا وقطعا . وأشع البعير بوله أي فرقه وقطعه وكذلك شع بوله يشعه أي فرقه أيضا فشع يشع إذا انتشر وأوزع به مثله . ابن الأعرابي : شع القوم إذا تفرقوا ; قال الأخطل :


                                                          عصابة سبي شع أن يتقسما

                                                          أي تفرقوا حذار أن يتقسموا . قال : والشع العجلة . قال : وانشع الذئب في الغنم وانشل فيها وانشن وأغار فيها واستغار بمعنى واحد . ويقال لبيت العنكبوت : الشع وحق الكهول . وشعشع الشراب شعشعة : مزجه بالماء وقيل : المشعشعة الخمر التي أرق مزجها . وشعشع الثريدة الزريقاء : سغبلها بالزيت ، يقال : شعشعها بالزيت . وفي حديث واثلة بن الأسقع : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثرد ثريدة ثم شعشعها ثم لبقها ثم صعنبها ; قال ابن المبارك : شعشعها خلط بعضها ببعض كما يشعشع الشراب بالماء إذا مزج به ، ورويت هذه اللفظة سغسغها بالسين المهملة والغين المعجمة أي رواها دسما . وقال بعضهم : شعشع الثريدة إذا رفع رأسها وكذلك صعلكها وصعنبها . وقال ابن شميل : شعشع الثريدة إذا أكثر سمنها ، وقيل : شعشعها طول رأسها من الشعشاع وهو الطويل من الناس وهو في الخمر أكثر منه في الثريد . والشعشع والشعشاع والشعشعان والشعشاني : الطويل الحسن الخفيف اللحم شبه بالخمر المشعشعة لرقتها ، ياء النسب فيه لغير علة إنما هو من باب أحمر وأحمري ودوار ودواري ; ووصف به العجاج المشفر لطوله ورقته ، فقال :


                                                          تبادر الحوض إذا الحوض شغل     بشعشعاني صهابي هدل
                                                          ومنكباها خلف أوراك الإبل

                                                          وقيل : الشعشاع الطويل وقيل : الحسن قال ; ذو الرمة :


                                                          إلى كل مشبوح الذراعين تتقى     به الحرب شعشاع وآخر فدغم

                                                          ، وفي حديث البيعة : فجاء رجل أبيض شعشاع أي طويل . ومنه حديث سفيان بن نبيح : تراه عظيما شعشعا ، وقيل : الشعشاع والشعشعاني والشعشعان الطويل العنق من كل شيء . وعنق شعشاع : طويل . والشعشعانة من الإبل : الجسيمة ، وناقة شعشعانة قال ذو الرمة :


                                                          هيهات خرقاء إلا أن يقربها     ذو العرش والشعشعانات العياهيم

                                                          ورجل شعشع : خفيف في السفر . وقال ثعلب : غلام شعشع خفيف في السفر ، فقصره على الغلام . ويقال : الشعشع الغلام الحسن الوجه الخفيف الروح بضم الشين . وقال الأزهري في آخر هذه الترجمة : كل ما مضى في الشعاع فهو بفتح الشين وأما ضوء الشمس فهو الشعاع بضم الشين والشعلع : الطويل بزيادة اللام .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية