الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 139 ] وفي خلقكم إلى آخره، ويجوز أن يكون على ظاهره وحينئذ يكون على أحد وجهين. أحدهما إن فيهما لآيات أي ما فيهما من المخلوقات كالجبال والمعادن والكواكب والنيرين وعلى هذا يكون قوله سبحانه وفي خلقكم من عطف الخاص على العام. والثاني أن أنفسهما لآيات لما فيها من فنون الدلالة على القادر الحكيم جل شأنه، وهذا أظهر وهو أبلغ من أن يقال: إن في خلقهما لآيات وإن كان المعنى آيلا إليه، وفي خلقكم خبر مقدم وقوله سبحانه: وما يبث من دابة عطف على خلق، وجوز في ما كونها مصدرية وكونها موصولة إما بتقدير مضاف أي وفي خلق ما ينشره ويفرقه من دابة أو بدونه.

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز عطفه على الضمير المتصل المجرور بالإضافة وما موصولة لا غير على الظاهر، وهو مبني على جواز العطف على الضمير المتصل المجرور من غير إعادة الجار وذلك مذهب الكوفيين. ويونس. والأخفش ؛ قال أبو حيان : وهو الصحيح، واختاره الأستاذ أبو علي الشلوبين ، ومذهب سيبويه وجمهور البصريين منع العطف المذكور سواء كان الضمير مجرورا بالحرف أو بالإضافة لشدة الاتصال فأشبه العطف على بعض الكلمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر ابن الحاجب في شرح المفصل في باب الوقف منه أن بعض النحويين يجوزون العطف في المجرور بالإضافة دون المجرور بالحرف لأن اتصال المجرور بالمضاف ليس كاتصاله بالجار لاستقلال كل واحد منهما بمعناه فلم يشتد اتصاله فيه اشتداده مع الحرف وأجاز الجرمي والزيادي العطف إذا أكد الضمير المتصل بمنفصل نحو مررت بك أنت وزيد وقوله تعالى آيات مبتدأ مؤخر والجملة معطوفة على جملة إن في السماوات إلخ. وقرأ أبي وعبد الله (لآيات) باللام كذا في البحر ولم يبين أن آيات مرفوع أو منصوب، فإن كان منصوبا فاللام زائدة في اسم إن المتقدم عليه خبرها وهو أحد مواضع زيادته المطردة الكثيرة، وإن كان مرفوعا فهي زائدة في المبتدأ ويقل زيادتها فيه، وحسن زيادتها هنا تقدم إن في الجملة المعطوف عليها فهو كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      إن الخلافة بعدهم لذميمة وخلائف ظرف لمما أحقر



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ زيد بن علي (آية) بالإفراد. وقرأ الأعمش . والجحدري. وحمزة . والكسائي . ويعقوب (آيات) بالجمع والنصب على أنها عطف على (آيات) السابق الواقع اسما لأن وفي خلقكم معطوف على في السماوات فكأنه قيل: وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون أي من شأنهم أن يوقنوا بالأشياء على ما هي عليه واختلاف الليل والنهار بالجر على إضمار في، وقد قرأ عبد الله بذكره. وجاء حذف الجار مع إبقاء عمله كما في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      إذا قيل أي الناس شر قبيلة     أشارت كليب بالأكف الأصابع



                                                                                                                                                                                                                                      وحسن ما هنا ذكر الجار في الآيتين قبل. وقرئ بالرفع على أنه مبتدأ خبره (آيات) بعد والمراد باختلافهما تعاقبهما أو تفاوتهما طولا وقصرا، وقيل: اختلافهما في أن أحدهما نور والآخرة ظلمة

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية