الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شهر

                                                          شهر : الشهرة : ظهور الشيء في شنعة حتى يشهره الناس . وفي الحديث : من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة . الجوهري : الشهرة وضوح الأمر ، وقد شهره يشهره شهرا وشهرة فاشتهر وشهره تشهيرا واشتهره فاشتهر ; قال :


                                                          أحب هبوط الواديين وأنني لمشتهر بالواديين غريب

                                                          ويروى لمشتهر بكسر الهاء . ابن الأعرابي : والشهرة الفضيحة ; أنشد الباهلي :


                                                          أفينا تسوم الشاهرية بعدما     بدا لك من شهر المليساء كوكب ؟

                                                          شهر المليساء : شهر بين الصفرية والشتاء ، وهو وقت تنقطع فيه الميرة ; يقول : تعرض علينا الشاهرية في وقت ليس فيه ميرة . وتعسوم : تعرض . والشاهرية : ضرب من العطر معروفة . ورجل شهير ومشهور : معروف المكان مذكور ، ورجل مشهور ومشهر ; قال ثعلب : ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إذا قدمتم علينا شهرنا أحسنكم اسما ، فإذا رأيناكم شهرنا أحسنكم وجها ، فإذا بلوناكم كان الاختيار . والشهر : القمر سمي بذلك لشهرته وظهوره ، وقيل : إذا ظهر وقارب الكمال . الليث : الشهر والأشهر عدد والشهور جماعة . ابن سيده : والشهر العدد المعروف من الأيام سمي بذلك لأنه يشهر بالقمر ، وفيه علامة ابتدائه ، وانتهائه ; وقال الزجاج : سمي الشهر شهرا لشهرته وبيانه ; وقال أبو العباس : إنما سمي شهرا لشهرته ، وذلك أن الناس يشهرون دخوله وخروجه . وفي الحديث : صوموا الشهر وسره ; قال ابن الأثير : الشهر الهلال ، سمي به لشهرته وظهوره ، أراد صوموا أول الشهر وآخره ، وقيل : سره وسطه ; ومنه الحديث : الشهر تسع وعشرون ، وفي رواية : إنما الشهر ، أي أن فائدة ارتقاب الهلال ليلة تسع وعشرين ليعرف نقص الشهر قبله ، وأن أريد به الشهر نفسه فتكون اللام فيه للعهد . وفي الحديث : سئل أي الصوم أفضل بعد شهر رمضان ، فقال : شهر الله المحرم أضافه إلى الله تعظيما وتفخيما ، كقولهم : بيت الله وآل الله لقريش . وفي الحديث : شهرا عيد لا ينقصان يريد شهر رمضان وذا الحجة أي إن نقص عددهما في الحساب فحكمهما على التمام لئلا تحرج أمته إذا صاموا تسعة وعشرين ، أو وقع حجهم خطأ عن التاسع أو العاشر لم يكن عليهم قضاء ولم يقع في نسكهم نقص . قال ابن الأثير : وقيل فيه غير ذلك ، قال : وهذا أشبه ، وقال غيره : سمي شهرا باسم الهلال إذا أهل سمي شهرا . والعرب تقول : رأيت الشهر أي رأيت هلاله ; وقال ذو الرمة :


                                                          يرى الشهر قبل الناس وهو نحيل

                                                          ابن الأعرابي : يسمى القمر شهرا ; لأنه يشهر به ، والجمع أشهر وشهور . وشاهر الأجير مشاهرة وشهارا : استأجره للشهر ; عن اللحياني . والمشاهرة : المعاملة شهرا بشهر . والمشاهرة من الشهر : كالمعاومة من العام ، وقال الله عز وجل : الحج أشهر معلومات ; قال الزجاج : معناه وقت الحج أشهر معلومات . وقال الفراء : الأشهر المعلومات من الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ، وإنما جاز أن يقال أشهر ، وإنما هما شهران وعشر من ثالث ، وذلك جائز في الأوقات . قال الله تعالى : واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين ، وإنما يتعجل في يوم ونصف . وتقول العرب : له اليوم يومان مذ لم أره ، وإنما هو يوم وبعض آخر ، قال : وليس هذا بجائز في غير المواقيت ; لأن العرب قد تفعل الفعل في أقل من الساعة ثم يوقعونه على اليوم ويقولون : زرته العام ، وإنما زاره في يوم منه . وأشهر القوم : [ ص: 155 ] أتى عليهم شهر وأشهرت المرأة : دخلت في شهر ولادها ، والعرب تقول : أشهرنا مذ لم نلتق أي أتى علينا شهر ; قال الشاعر :


                                                          ما زلت مذ أشهر السفار أنظرهم     مثل انتظار المضحي راعي الغنم

                                                          وأشهرنا مذ نزلنا على هذا الماء أي أتى علينا شهر . وأشهرنا في هذا المكان : أقمنا فيه شهرا . وأشهرنا : دخلنا في الشهر . وقوله عز وجل : فإذا انسلخ الأشهر الحرم يقال : الأربعة أشهر كانت عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرا من ربيع الآخر ; لأن البراءة وقعت في يوم عرفة فكان هذا الوقت ابتداء الأجل ، ويقال لأيام الخريف في آخر الصيف : الصفرية ; وفي شعر أبي طالب يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :


                                                          فإني والضوابح كل يوم     وما تتلو السفاسرة الشهور

                                                          الشهور : العلماء الواحد شهر . ويقال : لفلان فضيلة اشتهرها الناس . وشهر فلان سيفه يشهره شهرا أي سله ; وشهره : انتضاه فرفعه على الناس ; قال :


                                                          يا ليت شعري عنكم حنيفا     أشاهرون بعدنا السيوفا

                                                          وفي حديث عائشة : خرج شاهرا سيفه راكبا راحلته ; يعني يوم الردة ; أي مبرزا له من غمده . وفي حديث ابن الزبير : من شهر سيفه ثم وضعه فدمه هدر ، أي من أخرجه من غمده للقتال ، وأراد بوضعه ضرب به ; وقول ذي الرمة :


                                                          وقد لاح للساري الذي كمل السرى     على أخريات الليل فتق مشهر

                                                          أي صبح مشهور . وفي الحديث : ليس منا من شهر علينا السلاح . وامرأة شهيرة : وهي العريضة الضخمة وأتان شهيرة مثلها . والأشاهر : بياض النرجس . وامرأة شهيرة وأتان شهيرة : عريضة واسعة . والشهرية : ضرب من البراذين ، وهو بين البرذون والمقرف من الخيل ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          لها سلف يعود بكل ريع     حمى الحوزات واشتهر الإفالا

                                                          فسره فقال : واشتهر الإفالا معناه جاء بها تشبهه ، ويعني بالسلف الفحل . والإفال : صغار الإبل . وقد سموا شهرا وشهيرا ومشهورا . وشهران : أبو قبيلة من خثعم . وشهار موضع ، قال أبو صخر :


                                                          ويوم شهار قد ذكرتك ذكرة     على دبر مجل من العيش نافد

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية