الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين

                                                                                                                                                                                                                                      تدمر أي: تهلك. كل شيء من نفوسهم وأموالهم. بأمر ربها وقرئ "يدمر كل شيء " من دمر دمارا إذا هلك، فالعائد إلى الموصوف محذوف أو هو الهاء في "ربها"، ويجوز أن يكون استئنافا واردا لبيان أن لكل ممكن فناء مقضيا منوطا بأمر بارئه وتكون الهاء لكل شيء لكونه بمعنى الأشياء وفي ذكر الأمر والرب والإضافة إلى الريح من الدلالة على عظمة شأنه عز وجل ما لا يخفى. والفاء في قوله تعالى: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم فصيحة أي: فجاءتهم الريح فدمرتهم فأصبحوا بحيث لا يرى إلا مساكنهم، وقرئ ترى بالتاء ونصب "مساكنهم" خطابا لكل أحد يتأتى منه الرؤية تنبيها على أن حالهم بحيث لو حضر كل أحد بلادهم لا يرى فيها إلا مساكنهم. كذلك أي: مثل ذلك الجزاء الفظيع. نجزي القوم المجرمين وقد مر تفصيل القصة في سورة الأعراف، وقد روي أن الريح كانت تحمل الفسطاط والظعينة فترفعها في الجو حتى ترى كأنها جرادة، قيل: أول من أبصر العذاب امرأة منهم قالت: رأيت ريحا فيها كشهب النار. وروي أن أول ما عرفوا به أنه عذاب ما رأوا ما كان في الصحراء من رحالهم ومواشيهم تطير بها الريح بين السماء والأرض فدخلوا بيوتهم وغلقوا أبوابهم فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم فأمال الله تعالى الأحقاف فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين ثم كشفت الريح عنهم فاحتملتهم فطرحتهم في البحر. وروي أن هودا عليه السلام لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا إلى جنب عين تنبع. وعن ابن عباس رضي الله عنهما اعتزل هود ومن معه في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما يلين على الجلود وتلذه الأنفس وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية