الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شوه

                                                          شوه : رجل أشوه : قبيح الوجه . يقال : شاه وجهه يشوه ، وقد شوهه الله عز وجل ، فهو مشوه ، قال الحطيئة :


                                                          أرى ثم وجها شوه الله خلقه فقبح من وجه وقبح حامله

                                                          شاهت الوجوه تشوه شوها : قبحت . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم : أنه رمى المشركين يوم حنين بكف من حصى وقال شاهت الوجوه ، فهزمهم الله تعالى ; أبو عمرو : يعني قبحت الوجوه . ورجل أشوه وامرأة شوهاء إذا كانت قبيحة ، والاسم الشوهة . ويقال للخطبة التي لا يصلى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم : شوهاء . وفيه : قال لابن صياد : شاه الوجه ، وتشوه له أي تنكر له وتغول . وفي الحديث : أنه قال لصفوان بن المعطل حين ضرب حسان بالسيف : أتشوهت على قومي أن هداهم الله للإسلام أي أتنكرت وتقبحت لهم ، وجعل الأنصار قومه لنصرتهم إياه . وإنه لقبيح الشوه والشوهة ; عن اللحياني ، والشوهاء : العابسة ، وقيل : المشئومة ، والاسم منها الشوه . والشوه : مصدر الأشوه والشوهاء ، وهما القبيحا الوجه والخلقة . وكل شيء من الخلق لا يوافق بعضه بعضا أشوه ومشوه . والمشوه أيضا : القبيح العقل ، وقد شاه يشوه شوها وشوهة وشوه شوها فيهما . والشوهة : البعد ، وكذلك البوهة . يقال : شوهة وبوهة ، وهذا يقال في الذم . والشوه : سرعة الإصابة بالعين ، وقيل : شدة الإصابة بها ، ورجل أشوه . وشاه ماله : أصابه بعين ; هذه عن اللحياني . وتشوه : رفع طرفه إليه ليصيبه بالعين . ولا تشوه علي ولا تشوه علي أي لا تقل ما أحسنه فتصيبني بالعين . وخصصه الأزهري فروى عن أبي المكارم : إذا سمعتني أتكلم فلا تشوه علي أي لا تقل ما أفصحك فتصيبني بالعين . وفلان يتشوه أموال الناس ليصيبها بالعين . الليث : الأشوه السريع الإصابة بالعين ، والمرأة شوهاء . أبو عمرو : إن نفسه لتشوه إلى كذا أي تطمح إليه . ابن بزرج : يقال رجل شيوه ، وهو أشيه الناس ، وإنه يشوهه ويشيهه أي يعينه . اللحياني : شهت مال فلان شوها إذا أصبته بعيني . ورجل أشوه بين الشوه ، وامرأة شوهاء إذا كانت تصيب الناس بعينها فتنفذ عينها . والشائه : الحاسد ، والجمع شوه ; حكاه اللحياني عن الأصمعي . وشاهه شوها : أفزعه عن اللحياني ، فأنا أشوهه شوها . وفرس شوهاء صفة محمودة فيها : طويلة رائعة مشرفة ، وقيل : هي المفرطة رحب الشدقين والمنخرين ، ولا يقال فرس أشوه إنما هي صفة للأنثى ، وقيل : فرس شوهاء ، وهي التي في رأسها طول ، وفي منخريها وفمها سعة . والشوهاء : القبيحة . والشوهاء : المليحة . والشوهاء : الواسعة الفم . والشوهاء : الصغيرة الفم ; قال أبو دواد يصف فرسا :


                                                          فهي شوهاء كالجوالق فوها     مستجاف يضل فيه الشكيم

                                                          قال ابن بري : والشوهاء فرس حاجب بن زرارة ، قال بشر بن أبي خازم :


                                                          وأفلت حاجب تحت العوالي     على الشوهاء يجمح في اللجام

                                                          وفي حديث ابن الزبير : شوه الله حلوقكم أي وسعها . وقيل : الشوهاء من الخيل الحديدة الفؤاد ; وفي التهذيب : فرس شوهاء إذا كانت حديدة البصر ، ولا يقال للذكر أشوه ، قال : ويقال هو الطويل إذا جنب . والشوه : طول العنق وارتفاعها وإشراف الرأس ، وفرس أشوه . والشوه : الحسن . وامرأة شوهاء : حسنة ، فهو ضد ; قال الشاعر :


                                                          وبجارة شوهاء ترقبني     وحما يظل بمنبذ الحلس

                                                          وروي عن منتجع بن نبهان أنه قال : امرأة شوهاء إذا كانت رائعة حسنة . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة شوهاء إلى جنب قصر فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر . ورجل شائه البصر وشاه : حديد البصر ، وكذلك شاهي البصر . والشاة الواحد من الغنم ، يكون للذكر والأنثى ، وحكى سيبويه عن الخليل : هذا شاة بمنزلة هذا رحمة من ربي ، وقيل : الشاة تكون من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش ; قال الأعشى :

                                                          [ ص: 167 ]

                                                          وحان انطلاق الشاة من حيث خيما

                                                          الجوهري : والشاة الثور الوحشي ، قال : ولا يقال إلا للذكر ، واستشهد بقول الأعشى : من حيث خيما ; قال : وربما شبهوا به المرأة فأنثوه ، كما قال عنترة :


                                                          يا شاة ما قنص لمن حلت     له حرمت علي وليتها لم تحرم

                                                          فأنثها ، وقال طرفة :


                                                          مؤللتان تعرف العتق فيهما     كسامعتي شاة بحومل مفرد

                                                          قال ابن بري : ومثله للبيد :


                                                          أو أسفع الخدين شاة إران

                                                          وقال الفرزدق :


                                                          تجوب بي الفلاة إلى سعيد     إذا ما الشاة في الأرطاة قالا

                                                          والرواية :


                                                          فوجهت القلوص إلى سعيد

                                                          وربما كني بالشاة عن المرأة أيضا ، قال الأعشى :


                                                          فرميت غفلة عينه عن شاته     فأصبت حبة قلبها وطحالها

                                                          ويقال للثور الوحشي : شاة . الجوهري : تشوهت شاة إذا اصطدته . والشاة : أصلها شاهة فحذفت الهاء الأصلية وأثبتت هاء العلامة التي تنقلب تاء في الإدراج ، وقيل في الجمع شياه ، كما قالوا ماء ، والأصل ماهة وماءة ، وجمعوها مياها . قال ابن سيده : والجمع شاء ، أصله شاه وشياه وشواه وأشاوه وشوي وشيه وشيه كسيد ، الثلاثة اسم للجمع ، ولا يجمع بالألف والتاء كان جنسا أو مسمى به ، فأما شيه فعلى التوفية ، وقد يجوز أن يكون فعلا كأكمة وأكم شوه ، ثم وقع الإعلال بالإسكان ، ثم وقع البدل للخفة كعيد فيمن جعله فعلا ، وأما شوي فيجوز أن يكون أصله شوية على التوفية ، ثم وقع البدل للمجانسة ; لأن قبلها واوا وياء ، وهما حرفا علة ولمشاكلة الهاء الياء ، ألا ترى أن الهاء قد أبدلت من الياء فيما حكاه سيبويه من قولهم : ذه في ذي ، وقد يجوز أن يكون شوي على الحذف في الواحد والزيادة في الجمع ، فيكون من باب لأآل في التغيير إلا أن شويا مغير بالزيادة ولأآل بالحذف ، وأما شيه فبين أنه شيوه ، فأبدلت الواو ياء لانكسارها ومجاورتها الياء . غيره : تصغيره شويهة ، والعدد شياه ، والجمع شاء ، فإذا تركوا هاء التأنيث مدوا الألف ، وإذا قالوها بالهاء قصروا ، وقالوا شاة ، وتجمع على الشوي . وقال ابن الأعرابي : الشاء والشوي والشيه واحد ; وأنشد :


                                                          قالت بهية : لا يجاور رحلنا     أهل الشوي وعاب أهل الجامل

                                                          ورجل كثير الشاة ، والبعير : وهو في معنى الجمع لأن الألف واللام للجنس . قال : وأصل الشاة شاهة ; لأن تصغيرها شويهة . وذكر ابن الأثير في تصغيرها شوية ، فأما عينها فواو ، وإنما انقلبت في شياه لكسرة الشين ، والجمع شياه بالهاء أدنى في العدد ، تقول ثلاث شياه إلى العشر ، فإذا جاوزت فبالتاء ، فإذا كثرت قلت هذه شاء كثيرة . وفي حديث سوادة بن الربيع : أتيته بأمي فأمر لها بشياه غنم . قال ابن الأثير : وإنما أضافها إلى الغنم لأن العرب تسمي البقرة الوحشية شاة فميزها بالإضافة لذلك ، وجمع الشاء شوي . وفي حديث الصدقة : وفي الشوي في كل أربعين واحدة ; الشوي : اسم جمع للشاة ، وقيل : هو جمع لها نحو كلب وكليب ، ومنه كتابه لقطن بن حارثة : وفي الشوي الوري مسنة . وفي حديث ابن عمر : أنه سئل عن المتعة أيجزئ فيها شاة ، فقال : ما لي وللشوي أي الشاء ، وكان مذهبه أن المتمتع بالعمرة إلى الحج تجب عليه بدنة . وتشوه شاة : اصطادها . ورجل شاوي : صاحب شاء ، قال :

                                                          ولست بشاوي عليه دمامة     إذا ما غدا يغدو بقوس وأسهم

                                                          ; وأنشد الجوهري لمبشر بن هذيل الشمخي :


                                                          ورب خرق نازح فلاته     لا ينفع الشاوي فيها شاته
                                                          ولا حماراه ولا علاته     إذا علاها اقتربت وفاته

                                                          وإن نسبت إليه رجلا قلت شائي ، وإن شئت شاوي ، كما تقول عطاوي ، قال سيبويه : هو على غير قياس ، ووجه ذلك أن الهمزة لا تنقلب في حد النسب واوا إلا أن تكون همزة تأنيث كحمراء ونحوه ، ألا ترى أنك تقول في عطاء عطائي ؟ فإن سميت بشاء فعلى القياس شائي لا غير . وأرض مشاهة : كثيرة الشاء ، وقيل : ذات شاء ، قلت أم كثرت ، كما يقال أرض مأبلة ، وإذا نسبت إلى الشاة قلت شاهي . التهذيب : إذا نسبوا إلى الشاء ، قيل رجل شاوي ، وأما قول الأعشى يذكر بعض الحصون :


                                                          أقام به شاهبور الجنو     د حولين تضرب فيه القدم

                                                          فإنما عنى بذلك سابور الملك إلا أنه لما احتاج إلى إقامة وزن الشعر رده إلى أصله في الفارسية ، وجعل الاسمين واحدا وبناه على الفتح مثل خمسة عشر ; قال ابن بري : هكذا رواه الجوهري شاهبور ، بفتح الراء ، وقال ابن القطاع : شاهبور الجنود برفع الراء والإضافة إلى الجنود ، والمشهور شاهبور الجنود ، برفع الراء ونصب الدال ، أي أقام الجنود به حولين هذا الملك . والشاه بهاء أصلية : الملك ، وكذلك الشاه المستعملة في الشطرنج هي بالهاء الأصلية وليست بالتاء التي تبدل منها في الوقف الهاء ; لأن الشاة لا تكون من أسماء الملوك . والشاه : اللفظة المستعملة في هذا الموضع يراد بها الملك ، وعلى ذلك قولهم : شهنشاه يراد به ملك الملوك ، قال الأعشى :


                                                          وكسرى شهنشاه الذي سار ملكه     له ما اشتهى راح عتيق وزنبق

                                                          [ ص: 168 ] قال أبو سعيد السكري في تفسير شهنشاه بالفارسية : إنه ملك الملوك ; لأن الشاه الملك وأراد شاهان شاه ، قال ابن بري : انقضى كلام أبي سعيد ، قال : وأراد بقوله شاهان شاه أن الأصل كان كذلك ولكن الأعشى حذف الألفين منه فبقي شهنشاه ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية