الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شيط

                                                          شيط : شاط الشيء شيطا وشياطة وشيطوطة : احترق وخص بعضهم به الزيت والرب ; قال :


                                                          كشائط الرب عليه الأشكل

                                                          وأشاطه وشيطه وشاطت القدر شيطا احترقت ، وقيل : احترقت ولصق بها الشيء ، وأشاطها هو وأشطتها إشاطة ، ومنه قولهم : شاط دم فلان أي ذهب ، وأشطت بدمه . وفي حديث عمر رضي الله عنه : القسامة توجب العقل ولا تشيط الدم أي تؤخذ بها الدية ولا يؤخذ بها القصاص يعني لا تهلك الدم رأسا بحيث تهدره حتى لا يجب فيه شيء من الدية . الكلابي : شوط القدر وشيطها إذا أغلاها . وأشاط اللحم : فرقه . وشاط السمن والزيت : خثر . وشاط السمن إذا نضج حتى يحترق وكذلك الزيت ; قال نقادة الأسدي يصف ماء آجنا :


                                                          أوردته قلائصا أعلاطا     أصفر مثل الزيت لما شاطا

                                                          والتشييط : لحم يصلح للقوم ويشوى لهم ، اسم كالتمتين ، والمشيط مثله ، وقال الليث : التشيط شيطوطة اللحم إذا مسته النار يتشيط فيحترق أعلاه ، وتشيط الصوف . والشياط : ريح قطنة محترقة . ويقال : شيطت رأس الغنم وشوطته إذا أحرقت صوفه لتنظفه . يقال : شيط فلان اللحم إذا دخنه ولم ينضجه ; قال الكميت :


                                                          لما أجابت صفيرا كان آيتها     من قابس شيط الوجعاء بالنار

                                                          وشيط الطاهي الرأس والكراع إذا أشعل فيهما النار حتى يتشيط ما عليهما من الشعر والصوف ، ومنهم من يقول شوط . وفي الحديث في صفة أهل النار : ألم يروا إلى الرأس إذا شيط ; من قولهم شيط اللحم أو الشعر أو الصوف إذا أحرق بعضه . وشاط الرجل يشيط : هلك ; قال الأعشى :


                                                          قد نخصب العير في مكنون فائله     وقد يشيط على أرماحنا البطل

                                                          والإشاطة : الإهلاك . وفي حديث زيد بن حارثة : أنه قاتل براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم أي هلك ; ومنه حديث عمر رضي الله عنه : لما شهد على المغيرة ثلاثة نفر بالزنا ، قال : شاط ثلاثة أرباع المغيرة . وكل ما ذهب ، فقد شاط . وشاط دمه وأشاط دمع وبدمه : أذهبه ، وقيل : أشاط بدمه عمل في هلاكه ، وتشيط به دمه . وأشاط فلان فلانا إذا أهلكه ، وأصل الإشاطة الإحراق ; يقال : أشاط فلان دم فلان إذا عرضه للقتل . ابن الأنباري : شاط فلان بدم فلان معناه عرضه للهلاك . ويقال : شاط دم فلان إذا جعل الفعل للدم ، فإذا كان للرجل ، قيل : شاط بدمه وأشاط دمه . وتشيط الدم إذا علا بصاحبه ، وشاط دمه . وشاط فلان الدماء أي خلطها كأنه سفك دم القاتل على دم المقتول ; قال المتلمس :


                                                          أحارث إنا لو تشاط دماؤنا     تزيلن حتى ما يمس دم دما

                                                          ويروى : تساط ، بالسين ، والسوط : الخلط . وشاط فلان أي ذهب دمه هدرا . ويقال : أشاطه وأشاط بدمه . وشاط بمعنى عجل . ويقال للغبار الساطع في السماء : شيطي ; قال القطامي :


                                                          تعادي المراخي ضمرا في جنوحها     وهن من الشيطي عار ولابس

                                                          يصف الخيل وإثارتها الغبار بسنابكها . وفي الحديث : أن سفينة أشاط دم جزور بجذل فأكله ، قال الأصمعي : أشاط دم جزور أي سفكه وأراقه فشاط يشيط يعني أنه ذبحه بعود ، والجذل العود . واشتاط عليه : التهب . والمستشيط : السمين من الإبل . والمشياط من الإبل : السريعة السمن ، وكذلك البعير . الأصمعي : المشاييط من الإبل اللواتي يسرعن السمن ، يقال : ناقة مشياط ، وقال أبو عمرو : هي الإبل التي تجعل للنحر من قولهم شاط دمه . غيره : وناقة مشياط إذا طار فيها السمن ، وقال العجاج :


                                                          بولق طعن كالحريق الشاطي

                                                          قال : الشاطي المحترق ، أراد طعنا كأنه لهب النار من شدته ; قال أبو منصور : أراد بالشاطي الشائط ، كما يقال للهائر هار ، قال الله عز وجل : هار فانهار به . ويقال : شاط السمن يشيط إذا نضج حتى يحترق . الأصمعي : شاطت الجزور إذا لم يبق فيها نصيب إلا قسم . ابن شميل : أشاط فلان الجزور إذا قسمها بعد التقطيع . قال : والتقطيع نفسه إشاطة أيضا . ويقال : تشيط فلان من الهبة أي نحل من كثرة الجماع . وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : إن أخوف ما أخاف عليكم أن يؤخذ الرجل المسلم البريء فيقال عاص وليس بعاص فيشاط لحمه ، كما تشاط الجزور ; قال الكميت :


                                                          نطعم الجيأل اللهيد من الكو     م ولم ندع من يشيط الجزورا

                                                          قال : وهذا من أشطت الجزور إذا قطعتها وقسمت لحمها ، وأشاطها فلان ، وذلك أنهم إذا اقتسموها وبقي بينهم سهم فيقال : من يشيط الجزور أي من ينفق هذا السهم ; وأنشد بيت الكميت ، فإذا لم يبق منها نصيب قالوا : شاطت الجزور أي تنفقت . واستشاط الرجل من الأمر إذا خف له . وغضب فلان واستشاط أي احتدم كأنه التهب في [ ص: 176 ] غضبه ، قال الأصمعي : هو من قولهم ناقة مشياط ، وهي التي يسرع فيها السمن . واستشاط البعير أي سمن . واستشاط فلان أي احتد وخف وتحرق . ويقال : استشاط أي احتد وأشرف على الهلاك من قولك شاط فلان أي هلك . وفي الحديث : إذا استشاط السلطان تسلط الشيطان ، يعني إذا استشاط السلطان أي تحرق من شدة الغضب وتلهب وصار كأنه نار تسلط عليه الشيطان فأغراه الإقاع بمن غضب عليه ، وهو استفعل من شاط يشيط إذا كاد يحترق . واستشاط فلان إذا استقتل ; قال :


                                                          أشاط دماء المستشيطين كلهم     وغل رءوس القوم فيهم وسلسلوا

                                                          وروى ابن شميل بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ما رؤي ضاحكا مستشيطا ، قال : معناه ضاحكا ضحكا شديدا كالمتهالك في ضحكه . واستشاط الحمام إذا طار ، وهو نشيط . والشيطان فعلان : من شاط يشيط . وفي الحديث : أعوذ بك من شر الشيطان وفتونه وشيطاه وشجونه ، قيل : الصواب وأشطانه أي حباله التي يصيد بها . والشيطان إذا سمي به لم ينصرف ; وعلى ذلك قول طفيل الغنوي :


                                                          وقد متت الخذواء متا عليهم     وشيطان إذ يدعوهم ويثوب

                                                          فلم يصرف شيطان ، وهو شيطان بن الحكم بن جلهمة ، والخذواء فرسه . والشيط : فرس أنيف بن جبلة الضبي . والشيطان : قاعان بالصمان فيهما مساكات لماء السماء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية