الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      لا يسمعون فيها لغوا ما لا يعتد به من الكلام وهو الذي يورد لا عن روية وفكر فيجري مجرى اللغا - وهو صوت العصافير ونحوها من الطير - وقد يسمى كل كلام قبيح لغوا ولا تأثيما أي ولا نسبة إلى الإثم أي لا يقال لهم أثمتم ، وعن ابن عباس كما أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم تفسيره بالكذب ، وأخرجه هناد عن الضحاك - وهو من المجاز كما لا يخفى - والكلام من باب ولا ترى الضب بها ينجحر إلا قيلا أي قولا فهو مصدر مثله سلاما سلاما بدل من قيلا كقوله تعالى : لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما [مريم : 62] وقال الزجاج : هو صفة له بتأويله بالمشتق أي سالما من هذه العيوب أو مفعوله ، والمراد لفظه فلذا جاز وقوعه مفعولا للقول مع إفراده ، والمعنى إلا أن يقول بعضهم لبعض ( سلاما) ، وقيل : هو مصدر لفعل مقدر من لفظه وهو مقول القول ومفعوله حينئذ أي نسلم سلاما ، والتكرير للدلالة على فشو السلام وكثرته فيما بينهم لأن المراد سلاما بعد سلام ، والاستثناء منقطع وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم محتمل لأن يكون من الضرب الأول منه ، وهو أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح له بتقدير دخولها فيها بأن يقدر السلام هنا داخلا فيما قيل فيفيد التأكيد من وجهين ، وأن يكون من الضرب الثاني منه وهو أن يثبت لشيء صفة مدح ويعقب بأداة استثناء يليها صفة مدح أخرى بأن لا يقدر ذلك ، ويجعل الاستثناء من أصله منقطعا فيفيد التأكيد من وجه ، ولولا ذكر التأثيم - على ما قاله السعد - جاز جعل الاستثناء متصلا حقيقة لأن معنى السلام الدعاء بالسلامة وأهل الجنة أغنياء عن ذلك فكان ظاهره من قبيل اللغو وفضول الكلام لولا ما فيه من فائدة الإكرام ، وإنما منع التأثيم الذي هو النسبة إلى الإثم لأنه لا يمكن جعل السلام من قبيله وليس لك في الكلام أن تذكر متعددين ثم تأتي بالاستثناء المتصل من الأول مثل أن تقول : ما جاء من رجل ولا امرأة إلا زيدا ولو قصدت ذلك كان الواجب أن تؤخر ذكر الرجل ، وقرئ - سلام سلام - بالرفع على الحكاية ،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية