الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم [ ص: 600 ] صادقين ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين

                                                                                                                                                                                                                                        (194) وهذا من نوع التحدي للمشركين العابدين للأوثان، يقول تعالى: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم أي: لا فرق بينكم وبينهم، فكلكم عبيد لله مملوكون، فإن كنتم كما تزعمون صادقين في أنها تستحق من العبادة شيئا فادعوهم فليستجيبوا لكم فإن استجابوا لكم وحصلوا مطلوبكم، وإلا تبين أنكم كاذبون في هذه الدعوى، مفترون على الله أعظم الفرية.

                                                                                                                                                                                                                                        (195) وهذا لا يحتاج إلى تبيين فيه، فإنكم إذا نظرتم إليها وجدتم صورتها دالة على أنه ليس لديها من النفع شيء،فليس لها أرجل تمشي بها، ولا أيد تبطش بها، ولا أعين تبصر بها، ولا آذان تسمع بها، فهي عادمة لجميع الآلات والقوى الموجودة في الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها، وهي عباد أمثالكم، بل أنتم أكمل منها وأقوى على كثير من الأشياء، فلأي شيء عبدتموها.

                                                                                                                                                                                                                                        قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون أي: اجتمعوا أنتم وشركاؤكم على إيقاع السوء والمكروه بي، من غير إمهال ولا إنظار فإنكم غير بالغين لشيء من المكروه بي.

                                                                                                                                                                                                                                        (196) إن وليي الله الذي يتولاني فيجلب لي المنافع ويدفع عني المضار.

                                                                                                                                                                                                                                        الذي نزل الكتاب الذي فيه الهدى والشفاء والنور، وهو من توليته وتربيته لعباده الخاصة الدينية.

                                                                                                                                                                                                                                        وهو يتولى الصالحين الذين صلحت نياتهم وأعمالهم وأقوالهم، كما قال تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور فالمؤمنون الصالحون - لما تولوا ربهم بالإيمان والتقوى، ولم يتولوا غيره ممن لا ينفع ولا يضر - تولاهم الله ولطف بهم وأعانهم على ما فيه الخير والمصلحة لهم، في دينهم ودنياهم، ودفع عنهم بإيمانهم كل مكروه، كما قال تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية