الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما انقضى عد النعم العظام على وجه هو في غاية الإمكان من البيان، وكان تغير سائر الممكنات من النبات والجماد والملائكة والسماوات [والأرض] وما حوتا مما عدا الثقلين على نظام واحد لا تفاوت فيه، وأما الثقلان فأحوالهما لأجل تنازع العقل والشهوات لا تكاد تنضبط، بل تغير حال الواحد منهم في اللحظة الواحدة إلى ألوان كثيرة متضادة لما فيهم من المكر وأحوال المغالبة والبغي والاستئثار باللهو [ ص: 169 ] بالأمر والنهي، وكان أكثرهم يموت بناره من غير أخذ ثأره، واقتضت الحكمة ولابد أنه لابد لهم من يوم يجتمعون فيه يكون بينهما فيه الفصل على ميزان العدل، خصهما بالذكر فقال آتيا في النهاية بالوعيد لأنه ليس للعصاة بعد الإنعام والبيان إلا التهديد الشديد للرجوع إلى طاعة الملك الديان، والالتفات في قراءة الجماعة بالنون إلى التكلم أشد تهديدا من قراءة حمزة والكسائي بالتحتية على نسق ما مضى: سنفرغ أي: بوعد قريب لا خلف فيه من جميع الشؤون التي ذكرت لكم أي: نعمل عمل من يفرغ للشيء فلا يكون له شغل سواه بفراغ جنودنا من الملائكة وغيرهم مما أمرناهم به مما سبقت به كلمتنا ومضت به حكمتنا من الآجال والأرزاق وغير ذلك فينتهي كله ولا يكون لهم حينئذ عمل إلا جمعكم ليقضي بينكم: أيه الثقلان بالنصفة، والثقل هو ما يكون به قوام صاحبه، فكأنهما سميا بذلك تمثيلا لهما بذلك إشارة إلى أنهما المقصودان بالذات من الخلائق، [و]قال الرازي في اللوامع: وصفا بذلك يعظم ذلك شأنهما، كأن ما عداهما لا وزن له بالإضافة إليهما - انتهى. وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي" وقال جعفر الصادق: سميا بذلك لأنهما مثقلان بالذنوب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية