القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=11156_25937_30578_34421_34423_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا [4]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا أي: أعطوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4النساء أي: اللاتي أمر بنكاحهن
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4صدقاتهن أي: مهورهن (جمع صدقة كسمرة) وهي المهر
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4نحلة أي: عطاء غير مسترد بحيلة تلجئهن إلى الرد، والنحلة (بكسر النون وضمها، على ما رواه ابن دريد) اسم مصدر لـ (نحل) والمصدر النحل (بالضم) وهو العطاء بلا عوض، والتعبير عن إيتاء المهور بالنحلة - مع كونها واجبة على الأزواج - لإفادة معنى الإيتاء عن كمال الرضا وطيب الخاطر.
فائدتان:
الأولى: هذا الخطاب إما للأزواج، كما روي عن
علقمة nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، فإن ما قبله خطاب للناكحين وهم الأزواج، وإما لأولياء النساء، وذلك لأن العرب
[ ص: 1123 ] كانت في الجاهلية لا تعطي النساء من مهورهن شيئا.
ولذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنت: هنيئا لك النافجة، ومعناه إنك تأخذ مهرها إبلا فتضمها إلى إبلك فتنفج مالك أي: تعظمه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : النافجة ما يأخذه الرجل من الحلوان إذا زوج ابنته، فنهى الله تعالى عن ذلك وأمر بدفع الحق إلى أهله، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي وأبي صالح ، واختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء وابن قتيبة .
الثانية: قال
nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال - رحمه الله تعالى -: يحتمل أن يكون المراد من الإيتاء المناولة، ويحتمل أن يكون المراد الالتزام، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد [التوبة: من الآية 29]، والمعنى حتى يضمنوها ويلتزموها، فعلى هذا الوجه الأول كان المراد أنهم أمروا بدفع المهور التي قد سموها لهن، وعلى التقدير الثاني كان المراد أن الفروج لا تستباح إلا بعوض يلزم، سواء سمي ذلك أو لم يسم، إلا ما خص به الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الموهوبة.
ثم قال رحمه الله: ويجوز أن يكون الكلام جامعا للوجهين معا، والله أعلم.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا الضمير للصدقات، وتذكيره لإجرائه مجرى ذلك، أي: فإن أحللن لكم من المهر شيئا بطيبة نفس؛ جلبا لمودتكم، لا لحياء عرض لهن منكم أو من غيركم، ولا لاضطرارهن إلى البذل من شكاسة أخلاقكم وسوء معاشرتكم.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فكلوه هنيئا مريئا أي: فخذوه وتصرفوا فيه تملكا، وتخصيص الأكل بالذكر؛ لأنه معظم وجوه التصرفات المالية.
وهنيئا مريئا: صفتان من (هنؤ الطعام ومرؤ) إذا كان سائغا لا تنغيص فيه، وقيل: الهنيء ما أتاك بلا مشقة ولا تبعة، والمريء حميد المغبة، وهما عبارة عن التحليل والمبالغة في الإباحة وإزالة التبعة؛ لأنهن كالرجال في التصرفات والتبرعات.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=11156_25937_30578_34421_34423_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [4]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا أَيْ: أَعْطُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4النِّسَاءَ أَيِ: اللَّاتِي أُمِرَ بِنِكَاحِهِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4صَدُقَاتِهِنَّ أَيْ: مُهُورَهُنَّ (جَمْعُ صَدُقَةٍ كَسَمُرَةَ) وَهِيَ الْمَهْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4نِحْلَةً أَيْ: عَطَاءً غَيْرَ مُسْتَرَدٍّ بِحِيلَةٍ تُلْجِئُهُنَّ إِلَى الرَّدِّ، وَالنِّحْلَةُ (بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا، عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ) اسْمُ مَصْدَرٍ لِـ (نَحَلَ) وَالْمَصْدَرُ النُّحْلُ (بِالضَّمِّ) وَهُوَ الْعَطَاءُ بِلَا عِوَضٍ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ إِيتَاءِ الْمُهُورِ بِالنِّحْلَةِ - مَعَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً عَلَى الْأَزْوَاجِ - لِإِفَادَةِ مَعْنَى الْإِيتَاءِ عَنْ كَمَالِ الرِّضَا وَطِيبِ الْخَاطِرِ.
فَائِدَتَانِ:
الْأُولَى: هَذَا الْخِطَابُ إِمَّا لِلْأَزْوَاجِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ
عَلْقَمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ ، وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ خِطَابٌ لِلنَّاكِحِينَ وَهُمُ الْأَزْوَاجُ، وَإِمَّا لِأَوْلِيَاءِ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ
[ ص: 1123 ] كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا تُعْطِي النِّسَاءَ مِنْ مُهُورِهِنَّ شَيْئًا.
وَلِذَلِكَ كَانُوا يَقُولُونَ لِمَنْ وُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ: هَنِيئًا لَكَ النَّافِجَةُ، وَمَعْنَاهُ إِنَّكَ تَأْخُذُ مَهْرَهَا إِبَلًا فَتَضُمُّهَا إِلَى إِبِلِكَ فَتَنَفِجُ مَالَكَ أَيْ: تُعَظِّمُهُ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : النَّافِجَةُ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ مِنَ الْحُلْوَانِ إِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِدَفْعِ الْحَقِّ إِلَى أَهْلِهِ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ ، وَاخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءِ وَابْنِ قُتَيْبَةَ .
الثَّانِيَةُ: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15021الْقَفَّالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْإِيتَاءِ الْمُنَاوَلَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِالْتِزَامَ، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ [التَّوْبَةِ: مِنَ الْآيَةِ 29]، وَالْمَعْنَى حَتَّى يَضْمَنُوهَا وَيَلْتَزِمُوهَا، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِدَفْعِ الْمُهُورِ الَّتِي قَدْ سَمَّوْهَا لَهُنَّ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِعِوَضٍ يُلْزَمُ، سَوَاءٌ سُمِّيَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُسَمَّ، إِلَّا مَا خُصَّ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَوْهُوبَةِ.
ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ جَامِعًا لِلْوَجْهَيْنِ مَعًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا الضَّمِيرُ لِلصَّدُقَاتِ، وَتَذْكِيرُهُ لِإِجْرَائِهِ مَجْرَى ذَلِكَ، أَيْ: فَإِنْ أَحْلَلْنَ لَكُمْ مِنَ الْمَهْرِ شَيْئًا بِطِيبَةِ نَفْسٍ؛ جَلْبًا لِمَوَدَّتِكُمْ، لَا لِحَيَاءٍ عَرَضَ لَهُنَّ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِكُمْ، وَلَا لِاضْطِرَارِهِنَّ إِلَى الْبَذْلِ مِنْ شَكَاسَةِ أَخْلَاقِكُمْ وَسُوءِ مُعَاشَرَتِكُمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا أَيْ: فَخُذُوهُ وَتَصَرَّفُوا فِيهِ تَمَلُّكًا، وَتَخْصِيصُ الْأَكْلِ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ.
وَهَنِيئًا مَرِيئًا: صِفَتَانِ مِنْ (هَنُؤَ الطَّعَامُ وَمَرُؤَ) إِذَا كَانَ سَائِغًا لَا تَنْغِيصَ فِيهِ، وَقِيلَ: الْهَنِيءُ مَا أَتَاكَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا تَبِعَةٍ، وَالْمَرِيءُ حَمِيدُ الْمَغَبَّةِ، وَهُمَا عِبَارَةٌ عَنِ التَّحْلِيلِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْإِبَاحَةِ وَإِزَالَةِ التَّبِعَةِ؛ لِأَنَّهُنَّ كَالرِّجَالِ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ.