الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون

                                                                                                                                                                                                                                      وكانوا يقولون لغاية عتوهم وعنادهم. أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أي: كان بعض أجزائنا من اللحم والجلد ترابا وبعضها عظاما نخرة، وتقديم التراب لعراقته في الاستبعاد وانقلابه من الأجزاء البادية و"إذا" متمحضة للظرفية والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى: أإنا لمبعوثون لا نفسه لأن ما بعد "إن" واللام والهمزة لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث وهو المرجع للإنكار وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيص إنكاره به فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إليه في حالة منافية له بالكلية، وتكرير الهمزة لتأكيد النكير وتحلية الجملة بـ"إن" لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما عسى يتوهم من ظاهر النظم فإن تقديم الهمزة لاقتضائها الصدارة كما في مثل قوله: " أفلا تعقلون " على رأي الجمهور، فإن المعنى عندهم تعقيب الإنكار لا إنكار التعقيب كما هو المشهور وليس مدار إنكارهم كونهم ثابتين في المبعوثية بالفعل في حال كونهم ترابا وعظاما بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له ، ومرجعه إلى إنكار البعث بعد تلك الحالة وفيه من الدلالة على غلوهم في الكفر وتماديهم في الضلال ما لا مزيد عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية