أبواب اجتناب النجاسات ومواضع الصلوات
باب اجتناب النجاسة في الصلاة والعفو عما لا يعلم بها
594 - ( عن قال : سمعت رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم { جابر بن سمرة } . رواه أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي ؟ قال : نعم ، إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله أحمد ) . وابن [ ص: 139 ] ماجه
595 - ( وعن قال : { معاوية : هل كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم في الثوب الذي يجامع فيه ؟ قالت : نعم ، إذا لم يكن فيه أذى لأم حبيبة } . رواه الخمسة إلا قلت الترمذي ) .
أبواب اجتناب النجاسات ومواضع الصلوات
- باب اجتناب النجاسة في الصلاة والعفو عما لا يعلم بها
- باب حمل المحدث والمستجمر في الصلاة وثياب الصغار وما شك في نجاسته
- باب من صلى على مركوب نجس أو قد أصابته نجاسة
- باب الصلاة على الفراء والبسط وغيرهما من المفارش
- باب الصلاة في النعلين والخفين
- باب المواضع المنهي عنها والمأذون فيها للصلاة
- باب صلاة التطوع في الكعبة
- باب الصلاة في السفينة
- باب صلاة الفرض على الراحلة لعذر
- باب اتخاذ متعبدات الكفار ومواضع القبور إذا نبشت مساجد
- باب فضل من بنى مسجدا
- باب الاقتصاد في بناء المساجد
- باب كنس المساجد وتطييبها وصيانتها من الروائح الكريهة
- باب ما يقول إذا دخل المسجد وإذا خرج منه
- باب جامع فيما تصان عنه المساجد وما أبيح فيها
- باب تنزيه قبلة المسجد عما يلهي المصلي
- باب لا يخرج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي إلا لعذر
التالي
السابق
حديث رجال إسناده عند جابر بن سمرة ثقات ، وحديث ابن ماجه رجال إسناده كلهم ثقات . والحديثان يدلان على معاوية . تجنب المصلي للثوب المتنجس فذهب الأكثر إلى أنها شرط . وهل طهارة ثوب المصلي شرط لصحة الصلاة أم لا ؟
وروي عن ابن مسعود وابن عباس وهو مروي عن وسعيد بن جبير أنها ليست بواجبة ، ونقل صاحب النهاية عن مالك قولين . مالك
أحدهما إزالة النجاسة سنة وليست بفرض . وثانيهما أنها فرض مع الذكر ساقطة مع النسيان وقديم قولي أن إزالة النجاسة غير شرط . احتج الجمهور بحجج منها . قول الله تعالى : { الشافعي وثيابك فطهر } قال في البحر : والمراد للصلاة للإجماع على أن لا وجوب في غيرها ولا يخفاك أن غاية ما يستفاد من الآية الوجوب عند من جعل الأمر حقيقة فيه ، والوجوب لا يستلزم الشرطية لأن كون الشيء شرطا حكم شرعي وضعي لا يثبت إلا بتصريح الشارع بأنه شرط ، أو بتعليق الفعل به بأداة الشرط ، أو بنفي الفعل بدونه نفيا متوجها إلى الصحة لا إلى الكمال أو بنفي الثمرة ولا يثبت بمجرد الأمر به .
وقد أجاب صاحب ضوء النهار عن الاستدلال بالآية بأنها مطلقة ، وقد حملها القائلون بالشرطية على الندب في الجملة فأين دليل الوجوب في المقيد وهو الصلاة ؟ وفيه أنهم لم يحملوها على الندب بل صرحوا بأنها مقتضية للوجوب في الجملة ، لكنه قام الإجماع على عدم الوجوب في غير الصلاة فكان صارفا عن اقتضاء الوجوب فيما عدا المقيد . ومنها حديث خلع النعل الذي سيأتي ، وغاية ما فيه الأمر بمسح النعل ، وقد عرفت أنه لا يفيد الشرطية على أنه بني على ما كان قد صلى قبل الخلع ، ولو كانت طهارة الثياب ونحوها شرطا لوجب عليه الاستئناف ، لأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط كما تقرر في الأصول فهو عليهم لا لهم . ومنها الحديثان المذكوران في الباب . ويجاب عنهما بأن الثاني فعل وهو لا يدل على الوجوب فضلا عن الشرطية ، والأول ليس فيه ما يدل على الوجوب .
سلمنا أن قوله فتغسله خبر في معنى الأمر فهو غير صالح للاستدلال به على المطلوب . ومنها حديث قالت : { عائشة } أخرجه كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه : فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الكساء فلبسه ثم خرج فصلى فيه الغداة ثم جلس فقال رجل : يا رسول الله هذه لمعة من دم في الكساء فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها مع ما يليها وأرسلها [ ص: 140 ] إلي مصرورة في يد الغلام فقال : اغسلي هذه وأجفيها ثم أرسلي بها إلي فدعوت بقصعتي فغسلتها ثم أجفيتها ثم أخرجتها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليه أبو داود . ويجاب عنه أولا بأنه غريب كما قال . وثانيا بأن غاية ما فيه الأمر وهو يدل على الشرطية . وثالثا بأنه عليهم لا لهم ، لأنه لم ينقل إلينا أنه أعاد الصلاة التي صلاها في ذلك الثوب . المنذري
ومنها حديث بلفظ : { عمار } رواه إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والقيء والدم والمني أبو يعلى في مسنديهما والبزار وابن عدي في الكامل والدارقطني في سننهما والبيهقي في الضعفاء والعقيلي وأبو نعيم في المعرفة في الكبير والأوسط . ويجاب عنه أولا بأن هؤلاء كلهم ضعفوه وضعفه غيرهم من أهل الحديث لأن في إسناده والطبراني ثابت بن حماد وهو متروك ومتهم بالوضع وهو ضعيف حتى قال ، وعلي بن زيد بن جدعان في سننه : حديث باطل لا أصل له . وثانيا بأنه لا يدل على المطلوب وليس فيه إلا أنه يغسل الثوب من هذه الأشياء لا من غيرها . ومنها حديث غسل المني وفركه في الصحيحين وغيرهما كما تقدم وهو لا يدل على الوجوب فكيف يدل على الشرطية . البيهقي
ومنها حديث { } عند حتيه ثم اقرصيه البخاري وغيرهما من حديث ومسلم وفي لفظ " فلتقرصه ثم لتنضحه " من حديث أسماء وفي لفظ " حكيه بضلع " من حديث عائشة أم قيس بنت محصن ويجاب عن ذلك أولا بأن الدليل أخص من الدعوى . وثانيا بأن غاية ما فيه الدلالة على الوجوب . ومنها أحاديث الأمر بغسل النجاسة كحديث تعذيب من لم يستنزه من البول ، وحديث الأمر بغسل المذي وغيرهما ، وقد تقدمت في أول هذا الكتاب .
ويجاب عنها بأنها أوامر وهي لا تدل على الشرطية التي هي محل النزاع كما تقدم ، نعم يمكن الاستدلال بالأوامر المذكورة في هذا الباب على الشرطية إن قلنا : إن الأمر بالشيء نهي عن ضده وإن النهي يدل على الفساد وفي كلا المسألتين خلاف مشهور في الأصول لولا أن ههنا مانعا من الاستدلال بها على الشرطية وهو عدم إعادته صلى الله عليه وسلم للصلاة التي خلع فيها نعليه لأن بناءه على ما فعله من الصلاة قبل الخلع مشعر بأن الطهارة غير شرط ، وكذلك عدم نقل إعادته للصلاة التي صلاها في الكساء الذي فيه لمعة من دم كما تقدم . ومن أدلتهم على الشرطية حديث مرفوعا بلفظ : { أبي هريرة } أخرجه تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم الدارقطني في الضعفاء والعقيلي وابن عدي في الكامل . وهذا الحديث لو صح لكان صالحا للاستدلال به على الشرطية المدعاة لكنه غير صحيح بل باطل لأن في إسناده روح بن غطيف ، وقال ابن عدي وغيره : إنه تفرد به وهو ضعيف قال : أخاف أن يكون هذا موضوعا . الذهلي
وقال : حديث باطل . وقال البخاري : موضوع وقال ابن حبان : أجمع أهل العلم على نكرة هذا الحديث . قال الحافظ : وقد أخرجه البزار ابن عدي في الكامل [ ص: 141 ] من طريق أخرى عن الزهري ، لكن فيها أبو عصمة وقد اتهم بالكذب انتهى . إذا تقرر لك ما سقناه من الأدلة وما فيها فاعلم أنها لا تقصر عن إفادة ، فمن صلى وعلى ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب ، وأما أن صلاته باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا لما عرفت . ومن فوائد حديثي الباب أنه لا يجب العمل بمقتضى المظنة لأن الثوب الذي يجامع فيه مظنة لوقوع النجاسة فيه ، فأرشد الشارع صلى الله عليه وسلم إلى أن الواجب العمل بالمئنة دون المظنة . ومن فوائدهما كما قال وجوب تطهير الثياب ابن رسلان في شرح السنن : ، لأنه لم يذكر هنا أنه كان يغسل ثوبه من الجماع قبل أن يصلي لو غسله لنقل . طهارة رطوبة فرج المرأة
ومن المعلوم أن الذكر يخرج وعليه رطوبة من فرج المرأة انتهى .
596 - ( وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم { أبي سعيد جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا ، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما ، فإن رأى فليمسحه بالأرض ، ثم ليصل فيهما } . رواه أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرف قال لهم : لم خلعتم قالوا : رأيناك خلعت فخلعنا ، فقال : إن أحمد وأبو داود ) . الحديث أخرجه أيضا الحاكم وابن خزيمة ، واختلف في وصله وإرساله ، ورجح وابن حبان أبو حاتم في العلل الموصول ، ورواه من حديث الحاكم أنس ، ورواه الدارقطني من حديث وابن مسعود ابن عباس وعبد الله بن الشخير وإسناداهما ضعيفان ، ورواه من حديث البزار وإسناده ضعيف معلول أيضا ، قاله الحافظ في التلخيص . أبي هريرة
قوله ( فأخبرني ) فيه جواز وأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة . تكليم المصلي وإعلامه بما يتعلق بمصالح الصلاة
قوله : ( خبثا ) في رواية أبي داود وهو ما تكرهه الطبيعة من نجاسة ومخاط ومني وغير ذلك . والحديث قد عرفت مما سلف أنه استدل به القائلون بأن إزالة النجاسة من شروط صحة الصلاة وهو كما عرفناك عليهم لا لهم ، لأن استمراره على الصلاة التي صلاها قبل خلع النعل وعدم استئنافه لها يدل على عدم كون الطهارة شرطا . وأجاب الجمهور عن هذا بأن المراد هو الشيء المستقذر كالمخاط والبصاق ونحوهما ولا يلزم من أن يكون نجسا ، وبأنه يمكن أن يكون دما يسيرا معفوا عنه وإخبار جبريل له بذلك لئلا تتلوث ثيابه بشيء مستقذر . ويرد هذا الجواب بما قاله في البارع في تفسير قوله : { أو جاء أحد منكم من الغائط } أنه كنى بالغائط عن القذر .
وقول الأزهري : النجس : الخارج من بدن الإنسان فجعله المستقذر غير نجس أو نجس معفو عنه تحكم . وإخبار جبريل في حال الصلاة الظاهر أنه لما فيه من النجاسة [ ص: 142 ] التي تجنبها في الصلاة لا لمخافة التلوث لأنه لو كان لذلك لأخبره قبل الدخول في الصلاة لأن القعود حال لبسها مظنة للتلوث بما فيها على أن هذا الجواب لا يمكن مثله في رواية الخبث المذكورة في الباب للاتفاق بين أئمة اللغة وغيرهم أن الأخبثين هما البول والغائط . قال رحمه الله تعالىبعد أن ساق الحديث ما لفظه : وفيه أن دلك النعال يجزئ ، وأن الأصل أن أمته أسوته في الأحكام ، وأن المصنف لا تكره ، وأن العمل اليسير معفو عنه انتهى . وقد تقدم الكلام على أن ذلك النعال مطهر لها في أبواب تطهير النجاسة . الصلاة في النعلين
وأما أن أمته أسوته فهو الحق وفيه خلاف في الأصل مشهور وأما عدم كراهة الصلاة في النعلين فسيأتي . وأما العفو عن العمل اليسير فسيأتي أيضا . ومن فوائد الحديث جواز المشي إلى المسجد بالنعل .
وروي عن ابن مسعود وابن عباس وهو مروي عن وسعيد بن جبير أنها ليست بواجبة ، ونقل صاحب النهاية عن مالك قولين . مالك
أحدهما إزالة النجاسة سنة وليست بفرض . وثانيهما أنها فرض مع الذكر ساقطة مع النسيان وقديم قولي أن إزالة النجاسة غير شرط . احتج الجمهور بحجج منها . قول الله تعالى : { الشافعي وثيابك فطهر } قال في البحر : والمراد للصلاة للإجماع على أن لا وجوب في غيرها ولا يخفاك أن غاية ما يستفاد من الآية الوجوب عند من جعل الأمر حقيقة فيه ، والوجوب لا يستلزم الشرطية لأن كون الشيء شرطا حكم شرعي وضعي لا يثبت إلا بتصريح الشارع بأنه شرط ، أو بتعليق الفعل به بأداة الشرط ، أو بنفي الفعل بدونه نفيا متوجها إلى الصحة لا إلى الكمال أو بنفي الثمرة ولا يثبت بمجرد الأمر به .
وقد أجاب صاحب ضوء النهار عن الاستدلال بالآية بأنها مطلقة ، وقد حملها القائلون بالشرطية على الندب في الجملة فأين دليل الوجوب في المقيد وهو الصلاة ؟ وفيه أنهم لم يحملوها على الندب بل صرحوا بأنها مقتضية للوجوب في الجملة ، لكنه قام الإجماع على عدم الوجوب في غير الصلاة فكان صارفا عن اقتضاء الوجوب فيما عدا المقيد . ومنها حديث خلع النعل الذي سيأتي ، وغاية ما فيه الأمر بمسح النعل ، وقد عرفت أنه لا يفيد الشرطية على أنه بني على ما كان قد صلى قبل الخلع ، ولو كانت طهارة الثياب ونحوها شرطا لوجب عليه الاستئناف ، لأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط كما تقرر في الأصول فهو عليهم لا لهم . ومنها الحديثان المذكوران في الباب . ويجاب عنهما بأن الثاني فعل وهو لا يدل على الوجوب فضلا عن الشرطية ، والأول ليس فيه ما يدل على الوجوب .
سلمنا أن قوله فتغسله خبر في معنى الأمر فهو غير صالح للاستدلال به على المطلوب . ومنها حديث قالت : { عائشة } أخرجه كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه : فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الكساء فلبسه ثم خرج فصلى فيه الغداة ثم جلس فقال رجل : يا رسول الله هذه لمعة من دم في الكساء فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها مع ما يليها وأرسلها [ ص: 140 ] إلي مصرورة في يد الغلام فقال : اغسلي هذه وأجفيها ثم أرسلي بها إلي فدعوت بقصعتي فغسلتها ثم أجفيتها ثم أخرجتها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليه أبو داود . ويجاب عنه أولا بأنه غريب كما قال . وثانيا بأن غاية ما فيه الأمر وهو يدل على الشرطية . وثالثا بأنه عليهم لا لهم ، لأنه لم ينقل إلينا أنه أعاد الصلاة التي صلاها في ذلك الثوب . المنذري
ومنها حديث بلفظ : { عمار } رواه إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والقيء والدم والمني أبو يعلى في مسنديهما والبزار وابن عدي في الكامل والدارقطني في سننهما والبيهقي في الضعفاء والعقيلي وأبو نعيم في المعرفة في الكبير والأوسط . ويجاب عنه أولا بأن هؤلاء كلهم ضعفوه وضعفه غيرهم من أهل الحديث لأن في إسناده والطبراني ثابت بن حماد وهو متروك ومتهم بالوضع وهو ضعيف حتى قال ، وعلي بن زيد بن جدعان في سننه : حديث باطل لا أصل له . وثانيا بأنه لا يدل على المطلوب وليس فيه إلا أنه يغسل الثوب من هذه الأشياء لا من غيرها . ومنها حديث غسل المني وفركه في الصحيحين وغيرهما كما تقدم وهو لا يدل على الوجوب فكيف يدل على الشرطية . البيهقي
ومنها حديث { } عند حتيه ثم اقرصيه البخاري وغيرهما من حديث ومسلم وفي لفظ " فلتقرصه ثم لتنضحه " من حديث أسماء وفي لفظ " حكيه بضلع " من حديث عائشة أم قيس بنت محصن ويجاب عن ذلك أولا بأن الدليل أخص من الدعوى . وثانيا بأن غاية ما فيه الدلالة على الوجوب . ومنها أحاديث الأمر بغسل النجاسة كحديث تعذيب من لم يستنزه من البول ، وحديث الأمر بغسل المذي وغيرهما ، وقد تقدمت في أول هذا الكتاب .
ويجاب عنها بأنها أوامر وهي لا تدل على الشرطية التي هي محل النزاع كما تقدم ، نعم يمكن الاستدلال بالأوامر المذكورة في هذا الباب على الشرطية إن قلنا : إن الأمر بالشيء نهي عن ضده وإن النهي يدل على الفساد وفي كلا المسألتين خلاف مشهور في الأصول لولا أن ههنا مانعا من الاستدلال بها على الشرطية وهو عدم إعادته صلى الله عليه وسلم للصلاة التي خلع فيها نعليه لأن بناءه على ما فعله من الصلاة قبل الخلع مشعر بأن الطهارة غير شرط ، وكذلك عدم نقل إعادته للصلاة التي صلاها في الكساء الذي فيه لمعة من دم كما تقدم . ومن أدلتهم على الشرطية حديث مرفوعا بلفظ : { أبي هريرة } أخرجه تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم الدارقطني في الضعفاء والعقيلي وابن عدي في الكامل . وهذا الحديث لو صح لكان صالحا للاستدلال به على الشرطية المدعاة لكنه غير صحيح بل باطل لأن في إسناده روح بن غطيف ، وقال ابن عدي وغيره : إنه تفرد به وهو ضعيف قال : أخاف أن يكون هذا موضوعا . الذهلي
وقال : حديث باطل . وقال البخاري : موضوع وقال ابن حبان : أجمع أهل العلم على نكرة هذا الحديث . قال الحافظ : وقد أخرجه البزار ابن عدي في الكامل [ ص: 141 ] من طريق أخرى عن الزهري ، لكن فيها أبو عصمة وقد اتهم بالكذب انتهى . إذا تقرر لك ما سقناه من الأدلة وما فيها فاعلم أنها لا تقصر عن إفادة ، فمن صلى وعلى ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب ، وأما أن صلاته باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا لما عرفت . ومن فوائد حديثي الباب أنه لا يجب العمل بمقتضى المظنة لأن الثوب الذي يجامع فيه مظنة لوقوع النجاسة فيه ، فأرشد الشارع صلى الله عليه وسلم إلى أن الواجب العمل بالمئنة دون المظنة . ومن فوائدهما كما قال وجوب تطهير الثياب ابن رسلان في شرح السنن : ، لأنه لم يذكر هنا أنه كان يغسل ثوبه من الجماع قبل أن يصلي لو غسله لنقل . طهارة رطوبة فرج المرأة
ومن المعلوم أن الذكر يخرج وعليه رطوبة من فرج المرأة انتهى .
596 - ( وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم { أبي سعيد جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا ، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما ، فإن رأى فليمسحه بالأرض ، ثم ليصل فيهما } . رواه أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرف قال لهم : لم خلعتم قالوا : رأيناك خلعت فخلعنا ، فقال : إن أحمد وأبو داود ) . الحديث أخرجه أيضا الحاكم وابن خزيمة ، واختلف في وصله وإرساله ، ورجح وابن حبان أبو حاتم في العلل الموصول ، ورواه من حديث الحاكم أنس ، ورواه الدارقطني من حديث وابن مسعود ابن عباس وعبد الله بن الشخير وإسناداهما ضعيفان ، ورواه من حديث البزار وإسناده ضعيف معلول أيضا ، قاله الحافظ في التلخيص . أبي هريرة
قوله ( فأخبرني ) فيه جواز وأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة . تكليم المصلي وإعلامه بما يتعلق بمصالح الصلاة
قوله : ( خبثا ) في رواية أبي داود وهو ما تكرهه الطبيعة من نجاسة ومخاط ومني وغير ذلك . والحديث قد عرفت مما سلف أنه استدل به القائلون بأن إزالة النجاسة من شروط صحة الصلاة وهو كما عرفناك عليهم لا لهم ، لأن استمراره على الصلاة التي صلاها قبل خلع النعل وعدم استئنافه لها يدل على عدم كون الطهارة شرطا . وأجاب الجمهور عن هذا بأن المراد هو الشيء المستقذر كالمخاط والبصاق ونحوهما ولا يلزم من أن يكون نجسا ، وبأنه يمكن أن يكون دما يسيرا معفوا عنه وإخبار جبريل له بذلك لئلا تتلوث ثيابه بشيء مستقذر . ويرد هذا الجواب بما قاله في البارع في تفسير قوله : { أو جاء أحد منكم من الغائط } أنه كنى بالغائط عن القذر .
وقول الأزهري : النجس : الخارج من بدن الإنسان فجعله المستقذر غير نجس أو نجس معفو عنه تحكم . وإخبار جبريل في حال الصلاة الظاهر أنه لما فيه من النجاسة [ ص: 142 ] التي تجنبها في الصلاة لا لمخافة التلوث لأنه لو كان لذلك لأخبره قبل الدخول في الصلاة لأن القعود حال لبسها مظنة للتلوث بما فيها على أن هذا الجواب لا يمكن مثله في رواية الخبث المذكورة في الباب للاتفاق بين أئمة اللغة وغيرهم أن الأخبثين هما البول والغائط . قال رحمه الله تعالىبعد أن ساق الحديث ما لفظه : وفيه أن دلك النعال يجزئ ، وأن الأصل أن أمته أسوته في الأحكام ، وأن المصنف لا تكره ، وأن العمل اليسير معفو عنه انتهى . وقد تقدم الكلام على أن ذلك النعال مطهر لها في أبواب تطهير النجاسة . الصلاة في النعلين
وأما أن أمته أسوته فهو الحق وفيه خلاف في الأصل مشهور وأما عدم كراهة الصلاة في النعلين فسيأتي . وأما العفو عن العمل اليسير فسيأتي أيضا . ومن فوائد الحديث جواز المشي إلى المسجد بالنعل .