الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا: فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا: تفصيل لحكم الظهار بعد بيان كونه أمرا منكرا بطريق التشريع الكلي المنتظم لحكم الحادثة انتظاما أوليا أي: والذين يقولون ذلك القول المنكر ثم يعودون لما قالوا، أي: إلى ما قالوا بالتدارك والتلافي لا بالتقرير والتكرير كما في قوله تعالى: أن تعودوا لمثله أبدا فإن اللام و"إلى" تتعاقبان كثيرا كما في قوله تعالى: هدانا لهذا وقوله تعالى: بأن ربك أوحى لها وقوله تعالى: وأوحي إلى نوح . فتحرير رقبة أي: فتداركه أو فعليه أو فالواجب إعتاق رقبة أي رقبة كانت، وعند الشافعي رحمه الله تعالى يشترط الإيمان، والفاء للسببية ومن فوائدها الدلالة على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار، وقيل ما قالوا عبارة عما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلا للقول منزلة المقول فيه كما ذكر في قوله تعالى: ونرثه ما يقول أي: المقول فيه من المال والولد، فالمعنى: ثم يريدون العود للاستمتاع فتحرير [ ص: 217 ] رقبة. من قبل أن يتماسا أي: من قبل أن يستمتع كل من المظاهر والمظاهر منها بالآخر جماعا ولمسا ونظرا إلى الفرج شهوة وإن وقع شيء من ذلك قبل التكفير يجب عليه أن يستغفر ولا يعود حتى يكفر وإن أعتق بعض الرقبة ثم مس عليه أن يستأنف عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى. ذلكم إشارة إلى الحكم المذكور وهو مبتدأ خبره توعظون به أي: تزجرون به عن ارتكاب المنكر المذكور فإن الغرامات مزاجر عن تعاطي الجنايات، والمراد بذكره: بيان أن المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعويضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذي هو علم في استتباع الثواب العظيم بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة ما يوجبه. والله بما تعملون من الأعمال التي من جملتها التكفير وما يوجبه من جناية الظهار. خبير أي: عالم بظواهرها وبواطنها ومجازيكم بها فحافظوا على حدود ما شرع لكم ولا تخلوا بشيء منها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية