الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ما ينذر به لا بد من وقوعه، وكان كل آت قريبا، عبر عن ذلك بالفاء والماضي فقال صارفا العقول إلى الإعراض لأن وقت الرؤية للعذاب في غاية المناسبة للإهانة: فلما رأوه أي الوعد بانكشاف الموعود به عند كونه، وحقق معنى الماضي، والفاء بقوله: زلفة أي ذا قرب عظيم منهم، وذلك بالتعبير عن اسم الفاعل بالمصدر إبلاغا في المعنى المراد وأكد المبالغة [ بالتاء لأنها ترد للمبالغة - ] إذا لم يرد منها التأنيث، ولا سيما إن دلت قرينة أخرى على ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان المخوف في النذري الوقوع في السوء لا بقيد كونه من معين قال: سيئت ولما كان السوء يظهر في الوجه قال: وجوه وأظهر في موضع الإضمار تعميما وتعليقا للحكم بالوصف فقال: الذين كفروا أي ظهر السوء وغاية الكراهة في وجوه من أوقع هذا الوصف ولو على أدنى وجوه الإيقاع وعلتها الكآبة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان لا أوجع من التبكيت عند إحاطة المكروه من غير حاجة إلى تعيين فاعله، بنى للمفعول قوله: وقيل أي لهم تقريعا وتوبيخا: هذا الذي أي تقدم من عنادكم ومكركم واستكباركم [ ص: 266 ] كنتم أي جبلة وطبعا به أي بسببه ومن أجله، وصرف القول إلى الخطاب لأن التقريع به أنكأ في العذاب: تدعون أي تطلبون وتوقعون الطلب له طلبا شديدا تبلغون فيه غاية الجهد على وجه الاستعجال أن يستنزل بكم مكروهه فعل من لا يبالي به بوجه، وتكررون ذلك الطلب وتعودون إليه في كل وقت معرضين عن السعي في الخلاص فيه من عدوان العذاب ونيل الوعد الحسن بجزيل الثواب لبيان قوة طلبهم له وتداعيهم إليه استهزاء به حتى كأنهم لا مطلوب لهم غيره، قدم الجار المفيد غالبا للاختصاص فهو افتعال من دعا الشيء [و- ] بالشيء إذا طلبه، ودعاه الله بمكروه: أنزله به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية