الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عبب ]

                                                          عبب : العب : شرب الماء من غير مص ، وقيل : أن يشرب الماء ولا يتنفس ، وهو يورث الكباد ، وقيل : العب أن يشرب الماء دغرقة بلا غنث ، الدغرقة : أن يصب الماء مرة واحدة ، والغنث : أن يقطع الجرع ، وقيل : العب الجرع ، وقيل : تتابع الجرع ، عبه يعبه عبا ، وعب في الماء أو الإناء عبا : كرع ، قال :


                                                          يكرع فيها فيعب عبا محببا في مائها منكبا



                                                          ويقال في الطائر : عب ، ولا يقال : شرب ، وفي الحديث : مصوا الماء مصا ، ولا تعبوه عبا ، العب : الشرب بلا تنفس ، ومنه الحديث : الكباد من العب ، الكباد : داء يعرض للكبد ، وفي حديث الحوض : يعب فيه ميزابان ، أي : يصبان فلا ينقطع انصبابهما ، هكذا جاء في رواية ، والمعروف بالغين المعجمة والتاء المثناة فوقها ، والحمام يشرب الماء عبا ، كما تعب الدواب ، قال الشافعي : الحمام من الطير ما عب وهدر ، وذلك أن الحمام يعب الماء عبا ولا يشرب كما يشرب الطير شيئا فشيئا ، وعبت الدلو : صوتت عند غرف الماء ، وتعبب النبيذ : ألح في شربه ، عن اللحياني ، ويقال : هو يتعبب النبيذ ، أي : يتجرعه ، وحكى ابن الأعرابي : أن العرب تقول : إذا أصابت الظباء الماء ، فلا عباب ، وإن لم تصبه فلا أباب ، أي : إن وجدته لم تعب ، وإن لم تجده لم تأتب له ، يعني : لم تتهيأ لطلبه ولا تشربه ، من قولك : أب للأمر وائتب له : تهيأ ، وقولهم : لا عباب ، أي : لا تعب في الماء ، وعباب كل شيء : أوله ، وفي الحديث : إنا حي من مذحج ، عباب سلفها ولباب شرفها ، عباب الماء : أوله ومعظمه ، ويقال : جاءوا بعبابهم ، أي : جاءوا بأجمعهم ، وأراد بسلفهم من سلف من آبائهم ، أو ما سلف من عزهم ومجدهم ، وفي حديث علي يصف أبا بكر رضي الله تعالى عنهما : طرت بعبابها وفزت بحبابها ، أي : سبقت إلى جمة الإسلام ، وأدركت أوائله ، وشربت صفوه ، وحويت فضائله ، قال ابن الأثير : هكذا أخرج الحديث الهروي والخطابي وغيرهما من أصحاب الغريب ، وقال بعض فضلاء المتأخرين : هذا تفسير الكلمة على الصواب ، لو ساعد النقل ، وهذا هو حديث أسيد بن صفوان ، قال : لما مات أبو بكر جاء علي فمدحه ، فقال في كلامه : طرت بغنائها بالغين المعجمة والنون وفزت بحيائها بالحاء المكسورة ، والياء المثناة من تحتها ، هكذا ذكره الدارقطني من طرق في كتاب : ما قالت القرابة في الصحابة ، وفي كتابه المؤتلف والمختلف ، وكذلك ذكره ابن بطة في الإبانة ، والعباب : الخوصة ، قال المرار :


                                                          روافع للحمى متصففات     إذا أمسى لصيفه عباب



                                                          والعباب : كثرة الماء ، والعباب : المطر الكثير ، وعب النبت ، أي : طال ، وعباب السيل : معظمه وارتفاعه وكثرته ، وقيل : عبابه موجه ، وفي التهذيب : العباب معظم السيل ، ابن الأعرابي : العبب المياه المتدفقة ، والعنبب : كثرة الماء ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          فصبحت والشمس لم تقضب     عينا بغضيان ثجوج العنبب



                                                          ويروى : نجوج ، قال أبو منصور : جعل العنبب الفنعل من العب ، والنون ليست أصلية ، وهي كنون العنصل ، والعنبب وعنبب : كلاهما واد ، سمي بذلك ; لأنه يعب الماء ، وهو ثلاثي عند سيبويه ، وسيأتي ذكره ، ابن الأعرابي : العبب عنب الثعلب ، قال : وشجرة يقال لها الراء ممدود قال ابن حبيب : هو العبب ، ومن قال : عنب الثعلب فقد أخطأ ، قال أبو منصور : عنب الثعلب صحيح ليس بخطإ ، والفرس تسميه : روس أنكرده ، وروس : اسم الثعلب ، وأنكرده : حب العنب ، وروي عن الأصمعي أنه قال : الفنا ، مقصور ، عنب الثعلب ، فقال : عنب ولم يقل عبب ؛ قال الأزهري : وجدت بيتا لأبي وجزة يدل على ما قاله ابن الأعرابي وهو :

                                                          إذا تربعت ما بين الشريق إلى     أرض الفلاج أولات السرح والعبب



                                                          والعبب : ضرب من النبات زعم أبو حنيفة أنه من الأغلاث .

                                                          [ ص: 7 ] وبنو العباب : قوم من العرب سموا بذلك ; لأنهم خالطوا فارس حتى عبت خيلهم في الفرات ، واليعبوب : الفرس الطويل السريع ، وقيل : الكثير الجري ، وقيل : الجواد السهل في عدوه ، وهو أيضا : الجواد البعيد القدر في الجري ، واليعبوب : فرس الربيع بن زياد ، صفة غالبة ، واليعبوب : الجدول الكثير الماء ، الشديد الجرية ، وبه شبه الفرس الطويل اليعبوب ، وقال قيس :


                                                          غذق بساحة حائر يعبوب



                                                          الحائر : المكان المطمئن الوسط المرتفع الحروف يكون فيه الماء وجمعه حوران ، واليعبوب : الطويل جعل يعبوبا من نعت حائر ، واليعبوب : السحاب ، والعبيبة : ضرب من الطعام ، والعبيبة أيضا : شراب يتخذ من العرفط حلو ، وقيل : العبيبة التي تقطر من مغافير العرفط ، وعبيبة اللثى : غسالته ، واللثى : شيء ينضحه الثمام ، حلو كالناطف ، فإذا سال منه شيء في الأرض أخذ ثم جعل في إناء ، وربما صب عليه ماء فشرب حلوا ، وربما أعقد ، أبو عبيد : العبيبة الرائب من الألبان ، قال أبو منصور : هذا تصحيف منكر ، والذي أقرأني الإيادي عن شمر لأبي عبيد في كتاب المؤتلف : الغبيبة بالغين معجمة : الرائب من اللبن ، قال : وسمعت العرب تقول للبن البيوت في السقاء إذا راب من الغد : غبيبة والعبيبة بالعين بهذا المعنى تصحيف فاضح ، قال أبو منصور : رأيت بالبادية جنسا من الثمام يلثى صمغا حلوا يجنى من أغصانه ويؤكل يقال له : لثى الثمام فإن أتى عليه الزمان تناثر في أصل الثمام فيؤخذ بترابه ويجعل في ثوب ويصب عليه الماء ويشخل به ، أي : يصفى ثم يغلى بالنار حتى يخثر ثم يؤكل ، وما سال منه فهو العبيبة وقد تعببتها ، أي : شربتها ، وقيل : هو عرق الصمغ ، وهو حلو يضرب بمجدح حتى ينضج ثم يشرب ، والعبيبة : الرمث إذا كان في وطاء من الأرض ، والعبى على مثال فعلى عن كراع : المرأة التي لا تكاد يموت لها ولد ، والعبية والعبية : الكبر والفخر ، حكى اللحياني : هذه عبية قريش وعبية ، ورجل فيه عبية وعبية ، أي : كبر وفخر ، وعبية الجاهلية : نخوتها ، وفي الحديث : إن الله وضع عنكم عبية الجاهلية ، وتعظمها بآبائها يعني : الكبر بضم العين وتكسر ، وهي فعولة أو فعيلة ، فإن كان فعولة فهي من التعبية ; لأن المتكبر ذو تكلف وتعبية خلاف المسترسل على سجيته ، وإن كانت فعيلة فهي من عباب الماء ، وهو أوله وارتفاعه ، وقيل : إن الباء قلبت ياء ، كما فعلوا في تقضى البازي . والعبعب : الشباب التام ، والعبعب : نعمة الشباب ، قال العجاج :


                                                          بعد الجمال والشباب العبعب



                                                          وشباب عبعب : تام ، وشاب عبعب : ممتلئ الشباب ، والعبعب : ثوب واسع ، والعبعب : كساء غليظ كثير الغزل ناعم يعمل من وبر الإبل ، وقال الليث : العبعب من الأكسية الناعم الرقيق قال الشاعر :


                                                          بدلت بعد العري والتذعلب     ولبسك العبعب بعد العبعب
                                                          نمارق الخز فجري واسحبي



                                                          وقيل : كساء مخطط ، وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          تخلج المجنون جر العبعبا



                                                          وقيل : هو كساء من صوف ، والعبعبة : الصوفة الحمراء ، والعبعب : صنم ، وقد يقال بالغين المعجمة ، وربما سمي موضع الصنم عبعبا ، والعبعب والعبعاب : الطويل من الناس ، والعبعب : التيس من الظباء ، وفي النوادر : تعبعبت الشيء ، وتوعبته واستوعبته وتقمقمته وتضممته إذا أتيت عليه كله ، ورجل عبعاب قبقاب إذا كان واسع الحلق والجوف جليل الكلام ، وأنشد شمر :


                                                          بعد شباب عبعب التصوير



                                                          يعني : ضخم الصورة جليل الكلام ، وعبعب إذا انهزم ، وعب إذا شرب ، وعب إذا حسن وجهه بعد تغير ، وعب الشمس : ضوءها بالتخفيف قال :


                                                          ورأس عب الشمس المخوف ذماؤها



                                                          ومنهم من يقول : عب الشمس فيشدد الباء ، الأزهري : عب الشمس ضوء الصبح ، الأزهري في ترجمة عبقر ، عند إنشاده :


                                                          كأن فاها عب قر بارد



                                                          قال : وبه سمي عبشمس ، وقولهم : عب شمس أرادوا عبد شمس ، قال ابن شميل في سعد : بنو عب الشمس ، وفي قريش : بنو عبد الشمس ، ابن الأعرابي : عب عب : إذا أمرته أن يستتر ، وعباعب : موضع ، قال الأعشى :


                                                          صددت عن الأعداء يوم عباعب     صدود المذاكي أفرعتها المساحل



                                                          وعبعب : اسم رجل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية