الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا

                                                                                                                                                                                                                                      أولئك إشارة إلى المنافقين وما فيه من معنى البعد للتنبيه على بعد منزلتهم في الكفر والنفاق، وهو مبتدأ خبره الذين يعلم الله ما في قلوبهم أي: من فنون الشرور والفسادات المنافية لما أظهروا لك من الأكاذيب. فأعرض عنهم جواب شرط محذوف أي: إذا كان حالهم كذلك فأعرض عن قبول معذرتهم، وقيل: عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم ولا تظهر لهم علمك بما في بواطنهم وتهتك سترهم حتى يبقوا على وجل وحذر. وعظهم أي: ازجرهم عن النفاق والكيد. وقل لهم في أنفسهم في حق أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المنطوية على الشرور التي يعلمها الله تعالى أو في أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم مسارا بالنصيحة لأنها في السر أنجع. قولا بليغا مؤثرا واصلا إلى كنه المراد مطابقا لما سيق له من المقصود فالظرف على التقديرين متعلق بالأمر، وقيل: متعلق بـ"بليغا" على رأي من يجيز تقديم معمول الصفة على الموصوف، أي: قل لهم قولا بليغا في أنفسهم مؤثرا في قلوبهم يغتنمون به اغتناما ويستشعرون منه الخوف استشعارا وهو التوعد بالقتل والاستئصال والإيذان بأن ما في قلوبهم من مكنونات الشر والنفاق غير خاف على الله تعالى وأن ذلك مستوجب لأشد العقوبات وإنما هذه المكافأة والتأخير لإظهارهم الإيمان والطاعة وإضمارهم الكفر ولئن أظهروا الشقاق وبرزوا بأشخاصهم من نفق النفاق ليمسنهم العذاب إن الله شديد العقاب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية