الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: قد أفلح من زكاها جواب القسم على ما أخرجه الجماعة عن قتادة وإليه ذهب الزجاج وغيره، وحذف اللام كثير لا سيما عند طول الكلام المقتضي للتخفيف أو لسده مسدها، وفاعل زكاها ضمير «من» والضمير المنصوب للنفس وكذا في قوله تعالى: وقد خاب من دساها وتكرير «قد» فيه لإبراز الاعتناء بتحقيق مضمونه والإيذان بتعلق القسم به أصالة، والتزكية التنمية والتدسية الإخفاء وأصل دسى دسس فأبدل من ثالث التماثلات ياء، ثم أبدلت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأطلق بعضهم فقال: أبدل من ذلك حرف علة كما قالوا في تقضض تقضى ودسس مبالغة في دس بمعنى أخفى قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      ودسست عمرا في التراب فأصبحت حلائله منه أرامل ضيعا



                                                                                                                                                                                                                                      وفي الكشاف: التزكية الإنماء والإعلاء، والتدسية النقص والإخفاء؛ أي: لقد فاز بكل مطلوب ونجا من كل مكروه من أنمى نفسه وأعلاها بالتقوى علما وعملا، ولقد خسر من نقصها وأخفاها بالفجور [ ص: 144 ] جهلا وفسوقا.

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أن تفسر التزكية بالتطهير من دنس الهيولى والتدسية بالإخفاء فيه والتلوث به، وأيا ما كان ففي الوعد والوعيد المذكورين مع إقسامه تعالى عليهما بما أقسم به مما يدل على العلم بوجوده تعالى ووجوب ذاته سبحانه وكمال صفاته عز وجل، ويذكر عظائم آلائه وجلائل نعمائه جل وعلا من اللطف بعباده ما لا يخفى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية