[ ص: 121 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28975_7862_29677_29468فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا .
الفاء : إما للتفريع ، تفريع الأمر على الآخر ، أي فرع فليقاتل على
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71خذوا حذركم فانفروا ، أو هي فاء فصيحة ، أفصحت عما دل عليه ما تقدم من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71خذوا حذركم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وإن منكم لمن ليبطئن لأن جميع ذلك اقتضى الأمر بأخذ الحذر ، وهو مهيئ لطلب القتال والأمر بالنفير والإعلام بمن حالهم حال المتردد المتقاعس ، أي فإذا علمتم جميع ذلك ، فالذين يقاتلون في سبيل الله هم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة لا كل أحد .
و " يشرون " معناه يبيعون ، لأن شرى مقابل اشترى ، مثل باع وابتاع وأكرى واكترى ، وقد تقدم تفصيله عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى في سورة البقرة .
فالذين يشرون الحياة الدنيا هم الذين يبذلونها ويرغبون في حظ الآخرة ، وإسناد القتال المأمور به إلى أصحاب هذه الصلة وهي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74يشرون الحياة الدنيا بالآخرة للتنويه بفضل المقاتلين في سبيل الله ، .
لأن في الصلة إيماء إلى علة الخبر ، أي يبعثهم على القتال في سبيل الله بذلهم حياتهم الدنيا لطلب الحياة الأبدية ، وفضيحة أمر المبطئين حتى يرتدعوا عن التخلف ، وحتى يكشف المنافقون عن دخيلتهم ، فكان
[ ص: 122 ] معنى الكلام : فليقاتل في سبيل الله المؤمنون حقا فإنهم يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ، .
ولا يفهم أحد من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون أن الأمر بالقتال مختص بفريق دون آخر . لأن بذل الحياة في الحصول على ثواب الآخرة شيء غير ظاهر حتى يعلق التكليف به ، وإنما هو ضمائر بين العباد وربهم ، فتعين أن إسناد الأمر إلى أصحاب هذه الصلة مقصود منه الثناء على المجاهدين ، وتحقير المبطئين ، كما يقول القائل : " ليس بعشك فادرجي " . فهذا تفسير الآية بوجه لا يعتريه إشكال .
ودخل في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74أو يغلب أصناف الغلبة على العدو بقتلهم أو أسرهم أو غنم أموالهم .
وإنما اقتصر على القتل والغلبة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فيقتل أو يغلب ولم يزد أو يؤسر إباية من أن يذكر لهم حالة ذميمة لا يرضاها الله للمؤمنين ، وهي حالة الأسر; فسكت عنها لئلا يذكرها في معرض الترغيب وإن كان للمسلم عليها أجر عظيم أيضا إذا بذل جهده في الحرب فغلب إذ الحرب لا تخلو من ذلك ، وليس بمأمور أن يلقي بيده إلى التهلكة إذا علم أنه لا يجدي عنه الاستبسال ، فإن من منافع الإسلام استبقاء رجاله لدفاع العدو .
والخطاب في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وما لكم لا تقاتلون التفات من طريق الغيبة ، وهو طريق الموصول في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة إلى طريق المخاطبة .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وما لكم لا تقاتلون ما يمنعكم من القتال ، وأصل التركيب : أي شيء حق لكم في حال كونكم لا تقاتلون ، فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75لا تقاتلون حال من الضمير المجرور للدلالة على ما منه الاستفهام .
والاستفهام إنكاري ، أي لا شيء لكم في حال لا تقاتلون ، والمراد أن الذي هو لكم هو أن تقاتلوا ، فهو بمنزلة أمر ، أي قاتلوا في سبيل الله لا يصدكم شيء عن القتال ، وقد تقدم قريب منه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله في سورة البقرة .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75في سبيل الله لأجل دينه ولمرضاته ، فحرف ( في ) للتعليل ، ولأجل المستضعفين ، أي لنفعهم ودفع المشركين عنهم .
و المستضعفون الذين يعدهم الناس ضعفاء فالسين والتاء للحسبان ، وأراد بهم من بقي من المؤمنين
بمكة من الرجال الذين منعهم المشركون من الهجرة بمقتضى الصلح الذي
[ ص: 123 ] انعقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين سفير
قريش nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو; إذ كان من الشروط التي انعقد عليها الصلح : أن من جاء إلى
مكة من المسلمين مرتدا عن الإسلام لا يرد إلى المسلمين ، ومن جاء إلى
المدينة فارا من
مكة مؤمنا يرد إلى
مكة .
ومن المستضعفين
الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة . وأما النساء فهن ذوات الأزواج أو ولايى الأولياء المشركين اللائي يمنعهن أزواجهن وأولياؤهن من الهجرة : مثل
nindex.php?page=showalam&ids=11720أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، nindex.php?page=showalam&ids=11696وأم الفضل لبابة بنت الحارث زوج العباس ، فقد كن يؤذين ويحقرن .
وأما الولدان فهم الصغار من أولاد المؤمنين والمؤمنات ، فإنهم كانوا يألمون من مشاهدة تعذيب آبائهم وذويهم وإيذاء أمهاتهم وحاضناتهم . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين .
والقتال في سبيل هؤلاء ظاهر ، لإنقاذهم من فتنة المشركين ، وإنقاذ الولدان من أن يشبوا على أحوال الكفر أو جهل الإيمان .
و " القرية " هي
مكة . وسألوا الخروج منها لما كدر قدسها من ظلم أهلها ، أي ظلم الشرك وظلم المؤمنين ، فكراهية المقام بها من جهة أنها صارت يومئذ دار شرك ومناواة لدين الإسلام وأهله ، ومن أجل ذلك أحلها الله لرسوله أن يقاتل أهلها ، وقد قال
عباس بن مرداس يفتخر باقتحام خيل قومه في زمرة المسلمين يوم فتح
مكة :
شهدن مع النبيء مسومات حنينا وهي دامية الحوامي ووقعة خالد شهدت وحكت
سنابكها على البلد الحرام
وقد سألوا من الله وليا ونصيرا ، إذ لم يكن لهم يومئذ ولي ولا نصير فنصرهم الله بنبيئه والمؤمنين يوم الفتح .
وأشارت الآية إلى أن الله استجاب دعوتهم وهيأ لهم النصر بيد المؤمنين فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ، أي فجند الله لهم عاقبة النصر ، ولذلك فرع عليه الأمر بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا .
[ ص: 124 ] و الطاغوت : الأصنام ، وتقدم تفسيره في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=51ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت في هذه السورة ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=60يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت .
nindex.php?page=treesubj&link=28798والمراد بكيد الشيطان تدبيره ، وهو ما يظهر على أنصاره من الكيد للمسلمين والتدبير لتأليب الناس عليهم . وأكد الجملة بمؤكدين " إن " و " كان " الزائدة الدالة على تقرر وصف الضعف لكيد الشيطان .
[ ص: 121 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28975_7862_29677_29468فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا .
الْفَاءُ : إِمَّا لِلتَّفْرِيعِ ، تَفْرِيعُ الْأَمْرِ عَلَى الْآخَرِ ، أَيْ فُرِّعَ فَلْيُقَاتِلْ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ، أَوْ هِيَ فَاءٌ فَصِيحَةٌ ، أَفْصَحَتْ عَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=71خُذُوا حِذْرَكُمْ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ اقْتَضَى الْأَمْرَ بِأَخْذِ الْحِذْرِ ، وَهُوَ مُهَيِّئٌ لِطَلَبِ الْقِتَالِ وَالْأَمْرِ بِالنَّفِيرِ وَالْإِعْلَامِ بِمَنْ حَالُهُمْ حَالُ الْمُتَرَدِّدِ الْمُتَقَاعِسِ ، أَيْ فَإِذَا عَلِمْتُمْ جَمِيعَ ذَلِكَ ، فَالَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هُمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ لَا كُلُّ أَحَدٍ .
وَ " يَشْرُونَ " مَعْنَاهُ يَبِيعُونَ ، لِأَنَّ شَرَى مُقَابِلُ اشْتَرَى ، مِثْلَ بَاعَ وَابْتَاعَ وَأَكْرَى وَاكْتَرَى ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
فَالَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا هُمُ الَّذِينَ يَبْذُلُونَهَا وَيَرْغَبُونَ فِي حَظِّ الْآخِرَةِ ، وَإِسْنَادُ الْقِتَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ إِلَى أَصْحَابِ هَذِهِ الصِّلَةِ وَهِيَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ لِلتَّنْوِيهِ بِفَضْلِ الْمُقَاتِلِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، .
لِأَنَّ فِي الصِّلَةِ إِيمَاءٌ إِلَى عِلَّةِ الْخَبَرِ ، أَيْ يَبْعَثُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَذْلُهُمْ حَيَاتَهُمُ الدُّنْيَا لِطَلَبِ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ ، وَفَضِيحَةِ أَمْرِ الْمُبَطِّئِينَ حَتَّى يَرْتَدِعُوا عَنِ التَّخَلُّفِ ، وَحَتَّى يَكْشِفَ الْمُنَافِقُونَ عَنْ دَخِيلَتِهِمْ ، فَكَانَ
[ ص: 122 ] مَعْنَى الْكَلَامِ : فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا فَإِنَّهُمْ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ، .
وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِتَالِ مُخْتَصٌّ بِفَرِيقٍ دُونَ آخَرَ . لِأَنَّ بَذْلَ الْحَيَاةِ فِي الْحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ الْآخِرَةِ شَيْءٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ حَتَّى يُعَلَّقَ التَّكْلِيفُ بِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ ضَمَائِرُ بَيْنَ الْعِبَادِ وَرَبِّهِمْ ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى أَصْحَابِ هَذِهِ الصِّلَةِ مَقْصُودٌ مِنْهُ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ ، وَتَحْقِيرُ الْمُبَطِّئِينَ ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : " لَيْسَ بِعُشِّكِ فَادْرُجِي " . فَهَذَا تَفْسِيرُ الْآيَةِ بِوَجْهٍ لَا يَعْتَرِيهِ إِشْكَالٌ .
وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74أَوْ يَغْلِبْ أَصْنَافُ الْغَلَبَةِ عَلَى الْعَدُوِّ بِقَتْلِهِمْ أَوْ أَسْرِهِمْ أَوْ غُنْمِ أَمْوَالِهِمْ .
وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَتْلِ وَالْغَلَبَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ يُؤْسَرْ إِبَايَةً مِنْ أَنْ يَذْكُرَ لَهُمْ حَالَةً ذَمِيمَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَهِيَ حَالَةُ الْأَسْرِ; فَسَكَتَ عَنْهَا لِئَلَّا يَذْكُرَهَا فِي مَعْرِضِ التَّرْغِيبِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ عَلَيْهَا أَجْرٌ عَظِيمٌ أَيْضًا إِذَا بَذَلَ جُهْدَهُ فِي الْحَرْبِ فَغُلِبَ إِذِ الْحَرْبُ لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ بِمَأْمُورٍ أَنْ يُلْقِيَ بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْدِي عَنْهُ الِاسْتِبْسَالُ ، فَإِنَّ مِنْ مَنَافِعِ الْإِسْلَامِ اسْتِبْقَاءَ رِجَالِهِ لِدِفَاعِ الْعَدُوِّ .
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ الْتِفَاتٌ مِنْ طَرِيقِ الْغَيْبَةِ ، وَهُوَ طَرِيقُ الْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ إِلَى طَرِيقِ الْمُخَاطَبَةِ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ مَا يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْقِتَالِ ، وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ : أَيُّ شَيْءٍ حَقٌّ لَكُمْ فِي حَالِ كَوْنِكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ ، فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75لَا تُقَاتِلُونَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا مِنْهُ الِاسْتِفْهَامُ .
وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ ، أَيْ لَا شَيْءَ لَكُمْ فِي حَالِ لَا تُقَاتِلُونَ ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي هُوَ لَكُمْ هُوَ أَنْ تُقَاتِلُوا ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَمْرٍ ، أَيْ قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَصُدُّكُمْ شَيْءٌ عَنِ الْقِتَالِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَجْلِ دِينِهِ وَلِمَرْضَاتِهِ ، فَحَرْفُ ( فِي ) لِلتَّعْلِيلِ ، وَلِأَجْلِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، أَيْ لِنَفْعِهِمْ وَدَفْعِ الْمُشْرِكِينَ عَنْهُمْ .
وَ الْمُسْتَضْعَفُونَ الَّذِينَ يَعُدُّهُمُ النَّاسُ ضُعَفَاءَ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْحُسْبَانِ ، وَأَرَادَ بِهِمْ مَنْ بَقِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
بِمَكَّةَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَنَعَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْهِجْرَةِ بِمُقْتَضَى الصُّلْحِ الَّذِي
[ ص: 123 ] انْعَقَدَ بَيْنَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ سَفِيرِ
قُرَيْشٍ nindex.php?page=showalam&ids=3795سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو; إِذْ كَانَ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي انْعَقَدَ عَلَيْهَا الصُّلْحُ : أَنَّ مَنْ جَاءَ إِلَى
مَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُرْتَدًّا عَنِ الْإِسْلَامِ لَا يُرَدُّ إِلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَمَنْ جَاءَ إِلَى
الْمَدِينَةِ فَارًّا مِنْ
مَكَّةَ مُؤْمِنًا يُرَدُّ إِلَى
مَكَّةَ .
وَمِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ
الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ . وَأَمَّا النِّسَاءُ فَهُنَّ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ أَوْ وَلَايَى الْأَوْلِيَاءِ الْمُشْرِكِينَ اللَّائِي يَمْنَعُهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَأَوْلِيَاؤُهُنَّ مِنَ الْهِجْرَةِ : مِثْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11720أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=11696وَأُمِّ الْفَضْلِ لُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ الْعَبَّاسِ ، فَقَدْ كُنَّ يُؤْذَيْنَ وَيُحَقَّرْنَ .
وَأَمَّا الْوِلْدَانُ فَهُمُ الصِّغَارُ مِنْ أَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَأْلَمُونَ مِنْ مُشَاهَدَةِ تَعْذِيبِ آبَائِهِمْ وَذَوِيهِمْ وَإِيذَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ وَحَاضِنَاتِهِمْ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ .
وَالْقِتَالُ فِي سَبِيلِ هَؤُلَاءِ ظَاهِرٌ ، لِإِنْقَاذِهِمْ مِنْ فِتْنَةِ الْمُشْرِكِينَ ، وَإِنْقَاذِ الْوِلْدَانِ مِنْ أَنْ يَشِبُّوا عَلَى أَحْوَالِ الْكُفْرِ أَوْ جَهْلِ الْإِيمَانِ .
وَ " الْقَرْيَةِ " هِيَ
مَكَّةُ . وَسَأَلُوا الْخُرُوجَ مِنْهَا لِمَا كَدَّرَ قُدْسَهَا مِنْ ظُلْمِ أَهْلِهَا ، أَيْ ظُلْمِ الشِّرْكِ وَظُلْمِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَرَاهِيَةُ الْمُقَامِ بِهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا صَارَتْ يَوْمَئِذٍ دَارَ شِرْكٍ وَمُنَاوَاةٍ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَحَلَّهَا اللَّهُ لِرَسُولِهِ أَنْ يُقَاتِلَ أَهْلَهَا ، وَقَدْ قَالَ
عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ يَفْتَخِرُ بِاقْتِحَامِ خَيْلِ قَوْمِهِ فِي زُمْرَةِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ :
شَهِدْنَ مَعَ النَّبِيءِ مُسَوَّمَاتٍ حُنَيْنًا وَهِيَ دَامِيَةُ الْحَوَامِي وَوَقْعَةَ خَالِدٍ شَهِدَتْ وَحَكَّتْ
سَنَابِكَهَا عَلَى الْبَلَدِ الْحَرَامِ
وَقَدْ سَأَلُوا مِنَ اللَّهِ وَلِيًّا وَنَصِيرًا ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ بِنَبِيئِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْفَتْحِ .
وَأَشَارَتِ الْآيَةُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ اسْتَجَابَ دَعْوَتَهُمْ وَهَيَّأَ لَهُمُ النَّصْرَ بِيَدِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ، أَيْ فَجَنَّدَ اللَّهُ لَهُمْ عَاقِبَةَ النَّصْرِ ، وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا .
[ ص: 124 ] وَ الطَّاغُوتُ : الْأَصْنَامُ ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=51أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=60يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28798وَالْمُرَادُ بِكَيْدِ الشَّيْطَانِ تَدْبِيرُهُ ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عَلَى أَنْصَارِهِ مِنَ الْكَيْدِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالتَّدْبِيرِ لِتَأْلِيبِ النَّاسِ عَلَيْهِمْ . وَأَكَّدَ الْجُمْلَةَ بِمُؤَكِّدَيْنِ " إِنَّ " وَ " كَانَ " الزَّائِدَةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَقَرُّرِ وَصْفِ الضَّعْفِ لِكَيْدِ الشَّيْطَانِ .