ولما اشتملت هذه الجمل على وجازتها على الذروة العليا من البلاغة في إثبات البعث والجزاء والوحدانية له سبحانه وتعالى إلى غير ذلك من بحور العلوم، فثبت أن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى، فثبت أن
[ ص: 382 ] كل ما فيه حق مع منازعتهم في ذلك [كله- ] ، اقتضى الحال الإقسام على حقيقته فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=11والسماء أي التي كان المطلع الإقسام بها ووصفها بما يؤكد العلم بالعبث الذي هو منبع العلوم والتقوى فعليه مدار السعادة فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=32433_33062_34256_29057nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=11ذات الرجع التي ترجع بالدوران إلى الموضع الذي ابتدأت الدوران منه فترجع الأحوال التي كانت وتصرمت من الليل والنهار والشمس والقمر والكواكب والفصول من الشتاء وما فيه من برد ومطر، والصيف وما فيه من حر وصفاء وسكون وغير ذلك والنبات بعد تهشمه وصيرورته ترابا مختلطا بتراب الأرض وترجع الماء على قول من يقول: إن السحاب يأخذه من البحر ويعلو به فيعصره في الهواء ثم يرده إلى الأرض - وغير ذلك من الأمور الدال كل منها قطعا على أن فاعل ذلك قادر على إعادة كل ما فني كما كان من غير فرق أصلا.
وَلَمَّا اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمَلُ عَلَى وَجَازَتِهَا عَلَى الذُّرْوَةِ الْعُلْيَا مِنَ الْبَلَاغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بُحُورِ الْعُلُومِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَثَبَتَ أَنَّ
[ ص: 382 ] كُلَّ مَا فِيهِ حَقٌّ مَعَ مُنَازَعَتِهِمْ فِي ذَلِكَ [كُلِّهِ- ] ، اقْتَضَى الْحَالُ الْإِقْسَامَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=11وَالسَّمَاءِ أَيِ الَّتِي كَانَ الْمَطْلَعُ الْإِقْسَامُ بِهَا وَوَصَفَهَا بِمَا يُؤَكِّدُ الْعِلْمَ بِالْعَبَثِ الَّذِي هُوَ مَنْبَعُ الْعُلُومِ وَالتَّقْوَى فَعَلَيْهِ مَدَارُ السَّعَادَةِ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=32433_33062_34256_29057nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=11ذَاتِ الرَّجْعِ الَّتِي تَرْجِعُ بِالدَّوَرَانِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي ابْتَدَأَتِ الدَّوَرَانَ مِنْهُ فَتَرْجِعُ الْأَحْوَالُ الَّتِي كَانَتْ وَتَصَرَّمَتْ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْفُصُولِ مِنَ الشِّتَاءِ وَمَا فِيهِ مِنْ بَرْدِ وَمَطَرٍ، وَالصَّيْفِ وَمَا فِيهِ مِنْ حَرٍّ وَصَفَاءٍ وَسُكُونٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالنَّبَاتُ بَعْدَ تَهَشُّمُهُ وَصَيْرُورَتُهُ تُرَابًا مُخْتَلِطًا بِتُرَابِ الْأَرْضِ وَتَرْجِعُ الْمَاءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ السَّحَابَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبَحْرِ وَيَعْلُو بِهِ فَيَعْصِرُهُ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَى الْأَرْضِ - وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الدَّالُّ كُلٌّ مِنْهَا قِطَعًا عَلَى أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى إِعَادَةِ كُلِّ مَا فَنِيَ كَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ أَصْلًا.