الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بقل ]

                                                          بقل : بقل الشيء : ظهر . والبقل : معروف ، قال ابن سيده : البقل من النبات ما ليس بشجر دق ولا جل ، حقيقة رسمه أنه ما لم تبق له أرومة على الشتاء بعدما يرعى ، وقال أبو حنيفة : ما كان منه ينبت في بزره ولا ينبت في أرومة ثابتة فاسمه البقل ، وقيل : كل نابتة في أول ما تنبت فهو البقل ، واحدته بقلة ، وفرق ما بين البقل ودق الشجر أن البقل إذا رعي لم يبق له ساق والشجر تبقى له سوق وإن دقت . وفي المثل : لا تنبت البقلة إلا الحقلة ، والحقلة : القراح الطيبة من الأرض . وأبقلت أنبتت البقل ، فهي مبقلة . والمبقلة : ذات البقل . وأبقلت الأرض : خرج بقلها ، قال عامر بن جوين الطائي :


                                                          فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها .



                                                          ولم يقل أبقلت لأن تأنيث الأرض ليس بتأنيث حقيقي . وفي وصف مكة : وأبقل حمضها ، هو من ذلك . والمبقلة : موضع البقل ، قال دواد بن أبي دواد حين سأله أبوه : ما الذي أعاشك ؟ قال :


                                                          أعاشني بعدك واد مبقل     آكل من حوذانه وأنسل .



                                                          قال ابن جني : مكان مبقل هو القياس ، وباقل أكثر في السماع والأول مسموع أيضا . الأصمعي : أبقل المكان فهو باقل من نبات البقل ، وأورس الشجر فهو وارس : إذا أورق ، وهو بالألف . الجوهري : أبقل الرمت إذا أدبى وظهرت خضرة ورقه ، فهو باقل . قال : ولم يقولوا مبقل كما قالوا : أورس فهو وارس ، ولم يقولوا مورس ، قال : وهو من النوادر ، قال ابن بري : وقد جاء مبقل ، قال أبو النجم :


                                                          يلمجن من كل غميس مبقل .



                                                          قال : وقال ابن هرمة :


                                                          لرعت بصفراء السحالة حرة     لها مرتع بين النبيطين مبقل .



                                                          قال : وقالوا معشب ، وعليه قول الجعدي :


                                                          على جانبي حائر مفرد     ببرث ، تبوأته معشب .



                                                          قال ابن سيده : وبقل الرمث يبقل بقلا وبقولا وأبقل ، فهو باقل ، على غير قياس كلاهما : في أول ما ينبت قبل أن يخضر . وأرض بقيلة وبقلة : مبقلة ، الأخيرة على النسب أي ذات بقل ، ونظيره : رجل نهر أي يأتي الأمور نهارا . وأبقل الشجر : إذا دنت أيام الربيع وجرى فيها الماء فرأيت في أعراضها مثل أظفار الطير ، وفي المحكم : أبقل الشجر : خرج في أعراضه مثل أظفار الطير وأعين الجراد قبل أن يستبين ورقه فيقال حينئذ صار بقلة واحدة ، واسم ذلك الشيء : الباقل . وبقل النبت يبقل بقولا وأبقل : طلع ، وأبقله الله . وبقل وجه الغلام يبقل بقلا وبقولا وأبقل وبقل : خرج شعره ، وكره بعضهم التشديد ، وقال الجوهري : لا تقل ( بقل ) بالتشديد . وأبقله الله : أخرجه ، وهو على المثل بما تقدم . الليث : يقال للأمرد إذا خرج وجهه : قد بقل . وفي حديث أبي بكر والنسابة : فقام إليه غلام من بني شيبان حين بقل وجهه أي أول ما نبتت لحيته . وبقل ناب البعير يبقل بقولا : طلع ، على المثل أيضا ، وفي التهذيب : بقل ناب الجمل ، أول ما يطلع ، وجمل باقل الناب . والبقلة : بقل الربيع ، وأرض بقلة وبقيلة ومبقلة ومبقلة وبقالة ، وعلى مثاله مزرعة ومزرعة وزراعة . وابتقل القوم إذا رعوا البقل . والإبل تبتقل وتتبقل ، وابتقلت الماشية وتبقلت : رعت [ ص: 128 ] البقل ، وقيل : تبقلها سمنها عن البقل . وابتقل الحمار : رعى البقل ، قال مالك بن خويلد الخزاعي الهذلي :


                                                          تالله يبقى على الأيام مبتقل     جون السراة رباع سنه غرد .



                                                          أي لا يبقى ، وتبقل مثله ، قال أبو النجم :


                                                          كوم الذرى من خول المخول     تبقلت في أول التبقل
                                                          بين رماحي مالك ونهشل .



                                                          وتبقل القوم وابتقلوا وأبقلوا : تبقلت ماشيتهم . وخرج يتبقل أي يطلب البقل . وبقلة الضب : نبت ، قال أبو حنيفة : ذكرها أبو نصر ولم يفسرها . والبقلة : الرجلة وهي البقلة الحمقاء . ويقال : كل نبات اخضرت له الأرض فهو بقل ، قال الحارث بن دوش الإيادي يخاطب المنذر بن ماء السماء :


                                                          قوم إذا نبت الربيع لهم     نبتت عداوتهم مع البقل .



                                                          الجوهري : وقول أبي نخيلة :


                                                          برية لم تأكل المرققا     ولم تذق من البقول الفستقا .



                                                          قال : ظن هذا الأعرابي أن الفستق من البقل ، قال : وهكذا يروى البقل بالباء ، قال : وأنا أظنه بالنون لأن الفستق من النقل وليس من البقل . والباقلاء والباقلى : الفول اسم سوادي ، وحمله الجرجر ، إذا شددت اللام قصرت ، وإذا خففت مددت فقلت الباقلاء ، واحدته باقلاة وباقلاءة ، وحكى أبو حنيفة الباقلى ، بالتخفيف والقصر ، قال : وقال الأحمر : واحدة الباقلاء باقلاء ، قال ابن سيده : فإذا كان ذلك فالواحد والجمع فيه سواء ، قال : وأرى الأحمر حكى مثل ذلك في الباقلى . قال : والبوقال ، بضم الباء ، ضرب من الكيزان ، قال : ولم يفسر ما هو ففسرناه بما علمنا . وباقل : اسم رجل يضرب به المثل في العي ، قال الأموي : من أمثالهم في باب التشبيه : إنه لأعيا من باقل ، قال : وهو اسم رجل من ربيعة وكان عييا فدما ، وإياه عنى الأريقط في وصف رجل ملأ بطنه حتى عيي بالكلام فقال يهجوه ، وقال ابن بري : هو لحميد الأرقط :


                                                          أتانا ، وما داناه سحبان وائل     بيانا وعلما بالذي هو قائل
                                                          يقول ، وقد ألقى المراسي للقرى :     أبن لي ما الحجاج بالناس فاعل
                                                          فقلت : لعمري ! ما لهذا طرقتنا     فكل ، ودع الإرجاف ما أنت آكل
                                                          تدبل كفاه ويحدر حلقه     إلى البطن ، ما ضمت عليه الأنامل
                                                          فما زال عند اللقم حتى كأنه     من العي لما أن تكلم ، باقل .



                                                          قال : وسحبان هو من ربيعة أيضا من بني بكر كان لسنا بليغا ، قال الليث : بلغ من عي باقل أنه كان اشترى ظبيا بأحد عشر درهما ، فقيل له : بكم اشتريت الظبي ؟ ففتح كفيه وفرق أصابعه وأخرج لسانه يشير بذلك إلى أحد عشر فانفلت الظبي وذهب فضربوا به المثل في العي . والبقل : بطن من الأزد وهم بنو باقل . وبنو بقيلة : بطن من الحيرة . ابن الأعرابي : البوقالة الطرجهارة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية