ولما أتم الإشارة إلى النفوس لأهل البصائر، صرح بالعبارة لمن دونهم فقال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28644_33062_29062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7ونفس أي أي نفس جمع فيها سبحانه العالم بأسره. ولما كانت النفوس أعجب ما في الكون وأجمع، عبر فيها بالتسوية حثا على تدبر أمرها للاستدلال على مبدعها للسعي في إصلاح شأنها فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7وما سواها أي عدلها على هذا القانون الأحكم في أعضائها وما فيها من الجواهر والأعراض والمعاني وعجائب المزاج من الأخلاط المتنافرة التي لاءم بينها بالتسوية والتعديل فجعلها متمازجة
[ ص: 76 ] وقد أرشد السياق والسباق واللحاق إلى أن جواب القسم مقدر تقديره: لقد طبع سبحانه وتعالى نفوسكم على طبائع متباينة هيأها بها لما يريد من القلوب من تزكية وتدسية بما جعل لكم من القدرة والاختيار، وأبلغ في التقدم إليكم في تزكية نفوسكم وتطهير قلوبكم لاعتقاد الحشر بما هو أوضح من الشمس لا شبهة فيه ولا لبس لتنجو من عذاب الدنيا والآخرة بالاتصاف بالتقوى، والانخلاع من الفجور والطغوى.
وقال الأستاذ
أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم في سورة البلد تعريفه تعالى بما خلق فيه الإنسان من الكبد مع ما جعل له سبحانه من آلات النظر، وبسط له من الدلائل والعبر، وأظهر في صورة من ملك قياده، وميز رشده وعناده
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=10وهديناه النجدين nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إنا هديناه السبيل وذلك بما جعل له من القدرة الكسبية التي حقيقتها اهتمام أو لم؟ وأنى بالاستبداد والاستقلال، ثم
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=96والله خلقكم وما تعملون أقسم سبحانه وتعالى في هذه السورة على فلاح من اختار رشده واستعمل جهده وأنفق وجده
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قد أفلح من زكاها وخيبة من غاب هداه فاتبع هواه
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وقد خاب من دساها فبين حال الفريقين وسلوك الطريقين - انتهى.
وَلَمَّا أَتَمَّ الْإِشَارَةَ إِلَى النُّفُوسِ لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ، صَرَّحَ بِالْعِبَارَةِ لِمَنْ دُونَهُمْ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28644_33062_29062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7وَنَفْسٍ أَيْ أَيُّ نَفْسٍ جَمَعَ فِيهَا سُبْحَانَهُ الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ. وَلَمَّا كَانَتِ النُّفُوسُ أَعْجَبُ مَا فِي الْكَوْنِ وَأَجْمَعُ، عَبَّرَ فِيهَا بِالتَّسْوِيَةِ حَثًّا عَلَى تَدَبُّرِ أَمْرِهَا لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى مُبْدِعِهَا لِلسَّعْيِ فِي إِصْلَاحِ شَأْنِهَا فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7وَمَا سَوَّاهَا أَيْ عَدَلَهَا عَلَى هَذَا الْقَانُونِ الْأَحْكَمِ فِي أَعْضَائِهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْمَعَانِي وَعَجَائِبِ الْمِزَاجِ مِنَ الْأَخْلَاطِ الْمُتَنَافِرَةِ الَّتِي لَاءَمَ بَيْنَهَا بِالتَّسْوِيَةِ وَالتَّعْدِيلِ فَجَعَلَهَا مُتَمَازِجَةً
[ ص: 76 ] وَقَدْ أَرْشَدَ السِّيَاقُ وَالسِّبَاقُ وَاللَّحَاقُ إِلَى أَنَّ جَوَابَ الْقَسَمِ مُقَدَّرٌ تَقْدِيرُهُ: لَقَدْ طَبَّعَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نُفُوسَكُمْ عَلَى طَبَائِعَ مُتَبَايِنَةٍ هَيَّأَهَا بِهَا لِمَا يُرِيدُ مِنَ الْقُلُوبِ مِنْ تَزْكِيَةٍ وَتَدْسِيَةٍ بِمَا جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَارِ، وَأَبْلَغَ فِي التَّقَدُّمِ إِلَيْكُمْ فِي تَزْكِيَةِ نُفُوسِكُمْ وَتَطْهِيرِ قُلُوبِكُمْ لِاعْتِقَادِ الْحَشْرِ بِمَا هُوَ أَوْضَحُ مِنَ الشَّمْسِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَا لَبْسَ لِتَنْجُوَ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِالِاتِّصَافِ بِالتَّقْوَى، وَالِانْخِلَاعِ مِنَ الْفُجُورِ وَالطَّغْوَى.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ
أَبُو جَعْفَرٍ بْنُ الزُّبَيْرِ : لِمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَلَدِ تَعْرِيفُهُ تَعَالَى بِمَا خَلَقَ فِيهِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْكَبَدِ مَعَ مَا جُعِلَ لَهُ سُبْحَانَهُ مِنْ آلَاتِ النَّظَرِ، وَبَسَطَ لَهُ مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْعِبَرِ، وَأَظْهَرَ فِي صُورَةٍ مَنْ مَلَكَ قِيَادَهُ، وَمَيَّزَ رُشْدَهُ وَعِنَادَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=10وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ وَذَلِكَ بِمَا جُعِلَ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ الْكَسْبِيَّةِ الَّتِي حَقِيقَتُهَا اهْتِمَامٌ أَوْ لِمَ؟ وَأَنَّى بِالِاسْتِبْدَادِ وَالِاسْتِقْلَالِ، ثُمَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=96وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى فَلَاحِ مَنِ اخْتَارَ رُشْدَهُ وَاسْتَعْمَلَ جُهْدَهُ وَأَنْفَقَ وَجْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَخَيْبَةُ مَنْ غَابَ هُدَاهُ فَاتَّبَعَ هَوَاهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا فَبَيَّنَ حَالَ الْفَرِيقَيْنِ وَسُلُوكَ الطَّرِيقَيْنِ - انْتَهَى.