قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن كان ، ففيه وجهان ، قال له حائط أطلع بعضه دون بعض فأبر المطلع ثم باع الحائط ، ثم أطلع الباقي : ما أطلع في ملك المشتري لا يتبع المؤبر ، بل يكون للمشتري ; لأنه حادث في ملكه فلا يصير للبائع ( والثاني ) : أنه يتبع المؤبر ، فيكون [ ص: 57 ] للبائع ; لأنه من ثمرة عامه ، فجعل تابعا له كالطلع الظاهر في حال العقد فإن أبر بعض الحائط دون بعض ثم أفرد الذي لم يؤبر بالبيع ففي طلعه وجهان : ( أحدهما ) : أنه للبائع ; لأنا جعلناه في الحكم كالمؤبر بدليل أنه لو باع الجميع كان للبائع ، فصار كما لو أفرد بعض المؤبر بالبيع ( والثاني ) أنه للمشتري ; لأنه إنما جعل كالمؤبر إذا بيع معه ، فيصير تابعا له ، فأما إذا أفرده فليس بتابع للمؤبر فتبع أصله ) . أبو علي بن أبي هريرة
التالي
السابق
( الشرح ) فيه مسألتان : ( المسألة الأولى ) : إذا فلا إشكال في أن المؤبر للبائع وأن ما كان وقت العقد مطلعا غير مؤبر تابع له ، فيكون للبائع أيضا ( أما ) ما أطلع بعد ذلك ، فإن كان من طلع العام المستقبل فهو للمشتري ، وليس محل الوجهين ، نبه عليه باع جميع نخل البستان ، وقد أبر بعضها وبعضها لم يطلع بعد ، فأطلع بعد البيع في ملك المشتري الماوردي ، وهو ظاهر من كلام المصنف وإن كان من طلع ذلك العام ففيه وجهان ( أحدهما ) وهو قول ، وادعى ابن أبي هريرة الماوردي أنه الأصح ، وتبعه أن ما أطلع في ملك المشتري لا يتبع المؤبر ، بل يكون للمشتري كحدوثه في ملكه ، وقد صحح ابن أبي عصرون ابن الصباغ أيضا هذا الوجه عند الكلام في اختلاط ثمرة النخل المبيعة بثمرة البائع . ( والثاني ) : وهو قول وقال : إنه المذهب أنه يتبع فيكون للبائع خوفا من سوء المشاركة ، كما أنا جعلنا ما لم يؤبر تبعا لما أبر خوفا من سوء المشاركة ، ووافق أبي حامد الإسفراييني على تصحيح هذا الوجه جماعة منهم أبا حامد الرافعي ، وفرق الماوردي منتصرا لقول بأن ما لم يؤبر يصح العقد عليه ، ويلزم فيه بالشرط ، فجاز أن يصير تبعا لما قد استثناه العقد ، قال : ولو كان التعليل المذكور صحيحا ; كان بيع ما لم يخلق تبعا لما خلق ، كما يجوز بيع ما لم يبد صلاحه تبعا لما بدا صلاحه ، قال : وفيما ذكرنا من ذلك دليل على وهاء قوله ، وفساد تعليله ، يعني ابن أبي هريرة . أبا حامد
( قلت : ) وقد تقدم أن قول الذي انتصر له ابن أبي هريرة الماوردي مخالف لنص الصريح ويمكن التمسك للنص بظاهر [ ص: 58 ] الحديث ، فإنه حكم بأن ثمرة النخل المؤبرة للبائع ، وثمرتها تشمل ما كان مطلعا حين العقد ، وما لم يكن خرجنا عنه في ثمرة العام المستقبل بدليل ، فينبغي فيما عداه على ظاهر العموم ، إلا أن يقال : إن قوله فثمرتها لا يشمل إلا الثمرة الموجودة ، وهي المطلعة ، وليس ببعيد ، لكن سوء المشاركة حاصل ، والحاجة داعية إلى ذلك ، وما ألزم به الشافعي الماوردي من بيع ما لم يخلق تبع لما خلق ، فإنما يلزم لو كان كل ما يشترط في البيع يشترط في الاستثناء . ( وقوله ) إن ما لم يؤبر يصح العقد عليه فرعه على رأيه ، ورأي غيره - وقد تقدم عن - أنه لا يصح بيعه وهو الأصح عند أبي إسحاق المحاملي وغيره ، فعلى هذا لا يصح الفرق المذكور ، وفي التتمة ذكر نظير لهذه المسألة استنبط هذا الوجه منها ، وهي ، قال : نص أن الولدين للسيد ، فاستنبط منها هذا الوجه ، ووجه في الجارية إذا كانت حبلى بولدين فوضعت أحدهما ثم باعها ، فالولد الذي في البطن يبقى للبائع على ظاهر النص على ما قاله جارية المكاتب إذا أتت بولدين أحدهما قبل الكتابة والآخر بعدها الإمام ، ورأى أن الصواب خلافه وأن الولد الثاني للمشتري ، وعن الخضري أنه كان يحكي في ذلك قولين ( أحدهما ) ما نسب إلى النص ( والثاني ) ما رأى الإمام أنه الصواب .
قال ابن الرفعة : ولو كان الخارج بعض الولد ولم ينفصل كله إلا بعد البيع ، فستعرف في باب الجنايات وغيره ، أن المرجح في المذهب أن حكمه حكم ما لم ينفصل منه شيء ، وفيه وجه أن حكمه حكم المنفصل ، فعلى هذا يكون للبائع ، وعلى الأول ينبغي أن يقطع في هذه الحالة بمقابلته بجزء من الثمن ; لأنه قد علم وجوده ، ثم قال الإمام في الحالة الأولى : ثم إذا حكمنا بأن الحمل للبائع فيجب أن يحكم بفساد البيع في الأم على ظاهر المذهب . قال ابن الرفعة : أو يصح على ظاهر المذهب ; لأن هذا شبيه ببيع الجارية الحامل بحر ، من حيث إن البائع لم يستثنه ، وإنما الشرع استثناه ، وقد اختلف قوله يعني الإمام في أن المرجح فيه الصحة أو البطلان ( قلت : ) وتخريجه على بيع الجارية الحامل بحر حسن [ ص: 59 ] متعين ، وحكمه والتصحيح فيه معلوم في موضعه ، ولقد تعجبت من صاحب البيان فإنه قال : إن القول بأن ما أطلع للمشتري ، لم يذكر الشيخ غيره ، والموجود في تعليقه والمنقول عنه خلاف ذلك . أبو حامد
( قلت : ) وقد تقدم أن قول الذي انتصر له ابن أبي هريرة الماوردي مخالف لنص الصريح ويمكن التمسك للنص بظاهر [ ص: 58 ] الحديث ، فإنه حكم بأن ثمرة النخل المؤبرة للبائع ، وثمرتها تشمل ما كان مطلعا حين العقد ، وما لم يكن خرجنا عنه في ثمرة العام المستقبل بدليل ، فينبغي فيما عداه على ظاهر العموم ، إلا أن يقال : إن قوله فثمرتها لا يشمل إلا الثمرة الموجودة ، وهي المطلعة ، وليس ببعيد ، لكن سوء المشاركة حاصل ، والحاجة داعية إلى ذلك ، وما ألزم به الشافعي الماوردي من بيع ما لم يخلق تبع لما خلق ، فإنما يلزم لو كان كل ما يشترط في البيع يشترط في الاستثناء . ( وقوله ) إن ما لم يؤبر يصح العقد عليه فرعه على رأيه ، ورأي غيره - وقد تقدم عن - أنه لا يصح بيعه وهو الأصح عند أبي إسحاق المحاملي وغيره ، فعلى هذا لا يصح الفرق المذكور ، وفي التتمة ذكر نظير لهذه المسألة استنبط هذا الوجه منها ، وهي ، قال : نص أن الولدين للسيد ، فاستنبط منها هذا الوجه ، ووجه في الجارية إذا كانت حبلى بولدين فوضعت أحدهما ثم باعها ، فالولد الذي في البطن يبقى للبائع على ظاهر النص على ما قاله جارية المكاتب إذا أتت بولدين أحدهما قبل الكتابة والآخر بعدها الإمام ، ورأى أن الصواب خلافه وأن الولد الثاني للمشتري ، وعن الخضري أنه كان يحكي في ذلك قولين ( أحدهما ) ما نسب إلى النص ( والثاني ) ما رأى الإمام أنه الصواب .
قال ابن الرفعة : ولو كان الخارج بعض الولد ولم ينفصل كله إلا بعد البيع ، فستعرف في باب الجنايات وغيره ، أن المرجح في المذهب أن حكمه حكم ما لم ينفصل منه شيء ، وفيه وجه أن حكمه حكم المنفصل ، فعلى هذا يكون للبائع ، وعلى الأول ينبغي أن يقطع في هذه الحالة بمقابلته بجزء من الثمن ; لأنه قد علم وجوده ، ثم قال الإمام في الحالة الأولى : ثم إذا حكمنا بأن الحمل للبائع فيجب أن يحكم بفساد البيع في الأم على ظاهر المذهب . قال ابن الرفعة : أو يصح على ظاهر المذهب ; لأن هذا شبيه ببيع الجارية الحامل بحر ، من حيث إن البائع لم يستثنه ، وإنما الشرع استثناه ، وقد اختلف قوله يعني الإمام في أن المرجح فيه الصحة أو البطلان ( قلت : ) وتخريجه على بيع الجارية الحامل بحر حسن [ ص: 59 ] متعين ، وحكمه والتصحيح فيه معلوم في موضعه ، ولقد تعجبت من صاحب البيان فإنه قال : إن القول بأن ما أطلع للمشتري ، لم يذكر الشيخ غيره ، والموجود في تعليقه والمنقول عنه خلاف ذلك . أبو حامد
( المسألة الثانية ) إذا فلا إشكال في أن ثمرته للبائع ، وإن أبر بعض الحائط دون بعض فأفرد المؤبر بالبيع ففيه وجهان كما ذكر أفرد الذي لم يؤبر بالبيع المصنف نقلا وتعليلا ، وممن حكاهما القاضي ( وقوله ) فصار كما لو أفرد بعض المؤبر بالبيع ، يعني إذا ثبت بهذا البيع حكم التأبير صار كالمؤبر ، فإذا أفرده بالبيع صار كما لو أفرد المؤبر بالبيع ، ونظير المسألة إذا أبو الطيب ففي صحته وجهان كالوجهين . ( والصحيح ) أن الطلع للمشتري ، وممن صححه صاحب البيان ، وقال بدا الصلاح في بعض الحائط فأفرد بالعقد الثمرة التي لم يبد صلاحها فيها إمام الحرمين : إن القائل بأن غير المؤبر هنا يتبع المؤبر يقول : دخول وقت التأبير كالتأبير نفسه ، وهذا الكلام من الإمام قد يوهم أن من الأصحاب من يقول : إن وقت التأبير كالتأبير نفسه وكذلك كلام الغزالي يقتضي ذلك ، وقد يوهم ذلك أن هذا القائل يكتفي بحضور الوقت دون أن يحصل تأبير أصلا ، ولم أعلم من قال بذلك ، وإنما مراد الإمام ومن أطلق العبارة إذا حصل تأبير في غير المبيع ، ولم يحصل في المبيع وقد تقدم في ذلك كلام وجزم الفوراني بأنه إذا أفرد النوع الذي لم يؤبر بالبيع أنه ليس حكمه حكم المؤبر ، فيمكن أن يكون محل الوجهين اللذين ذكرهما المصنف وغيره فيما إذا أفرد ما لم يؤبر من نوع واحد ، ويمكن أن يكون مطلقا بناء على أن التأبير في أحد النوعين تأبير في الآخر ، وقد صرح صاحب التتمة بذكر الوجهين فيما إذا أفرد الصنف الذي ليس بمؤبر على طريقة من يرى تبعية النوع للنوع وهو المذهب فيصح إبقاء الوجهين في كلام المصنف على إطلاقهما