الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 31 ] 3 - باب

                                البيعة على إقام الصلاة

                                501 524 - حدثنا محمد بن المثنى : نا يحيى : نا إسماعيل : نا قيس ، عن جرير بن عبد الله ، قال : بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم .

                                التالي السابق


                                خرج البخاري هذا الحديث فيما سبق في آخر " كتاب : الإيمان " ، عن مسدد ، عن يحيى - هو : ابن سعيد - ، بمثله .

                                والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان بايع الناس على الإسلام ، وأركان الإسلام خمس : الشهادتان ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام رمضان .

                                وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايع - أحيانا - عليهن كلهن ، كما في " مسند الإمام أحمد " عن بشير بن الخصاصية ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبايعه ، فاشترط علي : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن أقيم الصلاة ، وأن أؤدي الزكاة ، وأن أحج حجة الإسلام ، وأن أصوم رمضان ، وأن أجاهد في سبيل الله ، فقلت : يا رسول الله ، أما اثنتين ، فوالله ما أطيقهما : الجهاد ، فإنهم زعموا أنه من ولى الدبر فقد باء بغضب من الله ، فأخاف إن حضرت ذلك جشعت نفسي ، وكرهت الموت . والصدقة ، فوالله ما لي إلا غنيمة وعشر ذود ، هن رسل أهلي وحمولتهم . قال : فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ، ثم حرك يده ، ثم قال : ( فلا جهاد ولا صدقة ، فبم تدخل الجنة إذا ؟ ) قلت : يا رسول الله ، [ ص: 32 ] أبايعك ، فبايعته عليهن كلهن .

                                وتارة كان يبايع على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع الشهادتين ، كما بايع جرير بن عبد الله ; فإن الصلاة والزكاة أفضل خصال الإسلام العملية .

                                وتارة يكتفي بالبيعة على الشهادتين ; لأن باقي الخصال حقوق لها ولوازم .

                                وتارة كان يقتصر في المبايعة على الشهادتين فقط ، لأنهما رأس الإسلام ، وسائر الأعمال تبع لهما .

                                وقد كان أحيانا يتآلف على الإسلام من يريد أن يسامح بترك بعض حقوق الإسلام ، فيقبل منهم الإسلام ، فإذا دخلوا فيه رغبوا في الإسلام فقاموا بحقوقه وواجباته كلها .

                                كما روى عبد الله بن فضالة الليثي ، عن أبيه ، قال : علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان فيما علمني : ( وحافظ على الصلوات الخمس ) . قال : قلت : إن هذه ساعات لي فيها أشغال ، فمرني بأمر جامع ، إذا أنا فعلته أجزأ عني . قال : ( حافظ على العصرين ) - وما كانت من لغتنا - قلت : وما العصران ؟ قال : ( صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها ) .

                                خرجه أبو داود وابن حبان في " صحيحه " والحاكم .

                                وظن أن فضالة هو ابن عبيد ، ووهم في ذلك ، فليس هذا فضالة بن عبيد - : قاله ابن معين وغيره .

                                وفي " المسند " من حديث قتادة ، عن نصر بن عاصم الليثي ، عن رجل منهم ، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم على أن يصلي صلاتين ، فقبل منه .

                                [ ص: 33 ] وفي رواية : على أن لا يصلي إلا صلاتين ، فقبل منه .

                                وفيه - أيضا - عن جابر ، أن ثقيفا إذ بايعت اشترطت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا صدقة عليها ولا جهاد . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ) .

                                قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله : إذا أسلم على أن يصلي صلاتين يقبل منه ، فإذا دخل يؤمر بالصلوات الخمس ، وذكر حديث قتادة عن نصر بن عاصم الذي تقدم .



                                الخدمات العلمية