الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8296 ) فصل : وليس للحاكم أن يحكم لنفسه ، كما لا يجوز أن يشهد لنفسه ، فإن عرضت له حكومة مع بعض الناس ، جاز أن يحاكمه إلى بعض خلفائه ، أو بعض رعيته ; فإن عمر حاكم أبيا إلى زيد ، وحاكم رجلا عراقيا إلى شريح ، وحاكم علي اليهودي إلى شريح ، وحاكم عثمان طلحة إلى جبير بن مطعم ، فإن عرضت حكومة لوالديه ، أو ولده ، أو من لا تقبل شهادته له ، ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يجوز له الحكم فيها بنفسه ، وإن حكم ، لم ينفذ حكمه .

                                                                                                                                            وهذا قول أبي حنيفة ، والشافعي ; لأنه لا تقبل شهادته له ، فلم ينفذ حكمه له كنفسه . والثاني ، ينفذ حكمه . اختاره أبو بكر ، وهو قول أبي يوسف ، وابن المنذر ، وأبي ثور ; لأنه حكم [ ص: 137 ] لغيره ، أشبه الأجانب .

                                                                                                                                            وعلى القول الأول ، متى عرضت لهؤلاء حكومة ، حكم بينهم الإمام ، أو حاكم آخر ، أو بعض خلفائه ، فإن كانت الخصومة بين والديه ، أو ولديه ، أو والده وولده ، لم يجز له الحكم بينهما ، على أحد الوجهين ; لأنه لا تقبل شهادته لأحدهما على الآخر ، فلم يجز الحكم بينهما ، كما لو كان خصمه أجنبيا .

                                                                                                                                            وفي الآخر ، يجوز . وهو قول بعض أصحاب الشافعي ; لأنهما سواء عنده ، فارتفعت تهمة الميل ، فأشبها الأجنبيين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية