الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ تخم ]

                                                          تخم : التخوم : الفصل بين الأرضين من الحدود والمعالم ، مؤنثة ، قال أحيحة بن الجلاح ، ويقال : هو لأبي قيس بن الأسلت :


                                                          يا بني التخوم لا تظلموها إن ظلم التخوم ذو عقال .



                                                          والتخم : منتهى كل قرية أو أرض ، يقال : فلان على تخم من الأرض ، والجمع تخوم مثل فلس وفلوس . وقال الفراء : تخومها حدودها ، ألا ترى أنه قال : لا تظلموها ولم يقل : لا تظلموه ؟ قال ابن السكيت : سمعت أبا عمرو يقول : هو تخوم الأرض ، والجمع تخم ، وهي التخوم أيضا على لفظ الجمع ولا يفرد لها واحد ، وقد قيل : واحدها تخم وتخم ، شامية . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ملعون من غير تخوم الأرض " . أبو عبيد : التخوم ههنا الحدود والمعالم ، والمعنى من ذلك يقع في موضعين : أحدهما أن يكون ذلك في تغيير حدود الحرم التي حدها إبراهيم خليل الرحمن - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ، والمعنى الآخر أن يدخل الرجل في ملك غيره من الأرض فيقتطعه ظلما ، فقيل : أراد حدود الحرم خاصة ، وقيل : هو عام في جميع الأرض ، وأراد المعالم التي يهتدى بها في الطريق ، ويروى تخوم ، بفتح التاء على الإفراد ، وجمعه تخم ، بضم التاء والخاء . وقال أبو حنيفة : قال السلمي : التخومة ، بالفتح ، قال :


                                                          وإن أفخر بمجد بني سليم     أكن منها التخومة والسرارا .



                                                          وإنه لطيب التخوم والتخوم أي : السعوف ، يعني : الضرائب ، الليث : التخوم مفصل ما بين الكورتين والقريتين ، قال : ومنتهى أرض كل كورة وقرية تخومها . وقال أبو الهيثم : يقال : هذه الأرض تتاخم أرض كذا أي : تحادها ، وبلاد عمان تتاخم بلاد الشحر . وقال غيره : وتطاخم ، بالطاء ، بهذا المعنى لغة قلبت التاء طاء لقرب مخرجهما ، والأصل التخوم وهي الحدود ، وقال الفراء : هي التخوم مضمومة ، وقال الكسائي : هي التخوم العلامة ، وأنشد :


                                                          يا بني التخوم لا تظلموها .



                                                          ومن روى هذا البيت التخوم فهو جمع تخم ، قال أبو عبيد : أصحاب العربية يقولون : هي التخوم ، بفتح التاء ، ويجعلونها واحدة ، وأما أهل الشام فيقولون : التخوم ، ويجعلونها جمعا ، والواحد تخم . قال ابن بري : يقال : تخوم وتخوم وزبور وزبور وعذوب وعذوب في هذه الأحرف الثلاثة ، قال : ولم يعلم لها رابع ، والبصريون يقولون : تخوم ، بالضم ، والكوفيون يقولون : تخوم ، بالفتح ، وقال كثير في التخوم ، بالضم :


                                                          وعل ثرى تلك الحفيرة بالندى     وبورك من فيها وطابت تخومها .



                                                          قال : ويروى وطاب تخومها ، وقال ابن هرمة في التخوم أيضا :

                                                          [ ص: 217 ]

                                                          إذا نزلوا أرض الحرام تباشرت     برؤيتهم ، بطحاؤها وتخومها .



                                                          ويروى : وتخومها ، بالفتح أيضا ، وأنشد ابن دريد لمنذر بن وبرة الثعلبي :


                                                          ولهم دان كل من قلت العي     ر بنجد إلى تخوم العراق .



                                                          قال : العير هنا البصر ، ويقال : اجعل همك تخوما أي : حدا تنتهي إليه ولا تجاوزه ، وقال أبو دواد :


                                                          جاعلا قبره تخوما وقد جر     ر العذارى عليه وافي الشكير .



                                                          قال شمر : أقرأني ابن الأعرابي لعدي بن زيد :


                                                          جاعلا سرك التخوم ، فما أح     فل قول الوشاة والأنذال .



                                                          قال : التخوم الحال الذي تريده . وأما التخمة من الطعام فأصلها وخمة ، وسيأتي ذكرها إن شاء الله - تعالى - .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية