الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون

                                                                                                                                                                                                هذا من التشبيه المركب، شبهت حال الدنيا في سرعة تقضيها، وانقراض نعيمها بعد الإقبال، بحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطاما بعد ما التف وتكاثف، وزين الأرض بخضرته ورفيفه، فاختلط به : فاشتبك بسببه حتى خالط بعضه بعضا، أخذت الأرض زخرفها وازينت : كلام فصيح: جعلت الأرض آخذة زخرفها على التمثيل بالعروس، إذا أخذت الثياب الفاخرة من كل لون، فاكتستها وتزينت بغيرها من ألوان الزين، وأصل: "ازينت": تزينت، فأدغم، وبالأصل قرأ عبد الله ، وقرئ: "وأزينت"، أي: أفعلت، من غير إعلال الفعل كأغيلت، أي: صارت ذات زينة، "وازيانت" بوزن ابياضت، قادرون عليها : متمكنون من منفعتها محصلون لثمرتها، رافعون لعلتها، أتاها أمرنا : وهو ضرب زرعها ببعض العاهات بعد أمنهم واستيقانهم أنه قد سلم، فجعلناها : فجعلنا زرعها، حصيدا : شبيها بما يحصد من الزرع في قطعه واستئصاله، كأن لم تغن : [ ص: 130 ] كأن لم يغن زرعها، أي: لم ينبت على حذف المضاف في هذه المواضع لا بد منه، وإلا لم يستقم المعنى. وقرأ الحسن: "كأن لم يغن" بالياء على أن الضمير للمضاف المحذوف، الذي هو الزرع. وعن مروان أنه قرأ على المنبر: "كأن لم تتغن بالأمس"، من قول الأعشى [من المتقارب]:


                                                                                                                                                                                                ............................ ... طويل الثواء طويل التغن



                                                                                                                                                                                                والأمس: مثل في الوقت القريب; كأنه قيل: كأن لم تغن آنفا .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية