الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون

                                                                                                                                                                                                                                      قل أرأيتم أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتكرير التبكيت عليهم ، وتثنية الإلزام بعد تكملة الإلزام الأول ببيان أنه أمر مستمر لم يزل جاريا في الأمم ، وهذا أيضا استخبار عن متعلق الرؤية ، وإن كان بحسب الظاهر استخبارا عن نفس الرؤية .

                                                                                                                                                                                                                                      إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم بأن أصمكم وأعماكم بالكلية .

                                                                                                                                                                                                                                      وختم على قلوبكم بأن غطى عليها بما لا يبقى لكم معه عقل وفهم أصلا ، وتصيرون مجانين ، ويجوز أن يكون الختم عطفا تفسيريا للأخذ المذكور ، فإن السمع والبصر طريقان للقلب منهما ، يرد ما يرده من المدركات ، فأخذهما سد لبابه بالكلية ، وهو السر في تقديم أخذهما على ختمها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما تقديم السمع على الإبصار ; فلأنه مورد الآيات القرآنية ، وإفراده لما أن أصله مصدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : من إله مبتدأ وخبر ، و" من " استفهامية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : غير الله صفة للخبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : يأتيكم به ; أي : بذاك ، على أن الضمير مستعار لاسم الإشارة ، أو بما أخذ وختم عليه صفة أخرى له ، والجملة متعلق الرؤية ومناط الاستخبار ; أي : أخبروني إن سلب الله مشاعركم من إله غيره تعالى يأتيكم بها ؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : انظر كيف نصرف الآيات تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم تأثرهم بما عاينوا من الآيات الباهرة ; أي : انظر كيف نكررها ، ونقررها مصروفة من أسلوب إلى أسلوب ، تارة بترتيب المقدمات العقلية ، وتارة بطريق الترغيب والترهيب ، وتارة بالتنبيه والتذكير .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم هم يصدفون عطف على نصرف داخل في حكمه ، وهو العمدة في التعجيب ، و" ثم " لاستبعاد صدوفهم ; أي : إعراضهم عن تلك الآيات بعد تصريفها على هذا النمط البديع الموجب للإقبال عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية