الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وأي

                                                          وأي : الوأي : الوعد . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف : كان لي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأي ، أي وعد . وحديث أبي بكر : من كان له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأي فليحضر . وقد وأى وأيا : وعد . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : من وأى لامرئ بوأي فليف به ، وأصل الوأي الوعد الذي يوثقه الرجل على نفسه ويعزم على الوفاء به . وفي حديث وهب : قرأت في الحكمة أن الله تعالى يقول : إني قد وأيت على نفسي أن أذكر من ذكرني ، عداه بعلى ؛ لأنه أعطاه معنى جعلت على نفسي . ووأيت له على نفسي أئي وأيا : ضمنت له عدة ; وأنشد أبو عبيد :


                                                          وما خنت ذا عهد وأيت بعهده ولم أحرم المضطر إذ جاء قانعا

                                                          وقال الليث : يقال : وأيت لك به على نفسي وأيا ، والأمر إه ، والاثنين إياه ، والجمع أوا ، تقول : إه وتسكت ، ولا تإه وتسكت ، وهو على تقدير عه ولا تعه ، وإن مررت قلت : إ بما وعدت ، إيا بما وعدتما ، كقولك : ع ما يقول لك في المرور . والوأى من الدواب : السريع المشدد الخلق ، وفي التهذيب : الفرس السريع المقتدر الخلق ، والنجيبة من الإبل يقال لها الوآة ، بالهاء ; وأنشد أبو عبيد في الوأى للأسعر الجعفي :


                                                          راحوا بصائرهم على أكتافهم     وبصيرتي يعدو بها عتد وأى

                                                          قال شمر : الوأى الشديد ، أخذ من قولهم : قدر وئية ; وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          إذا جاءهم مستثئر كان نصره     دعاء ألا طيروا بكل وأى نهد

                                                          والأنثى وآة ، وناقة وآة ; وأنشد :


                                                          ويقول ناعتها إذا أعرضتها     هذي الوآة كصخرة الوعل

                                                          والوأى : الحمار الوحشي ، زاد في الصحاح : المقتدر الخلق ; [ ص: 141 ] وقال ذو الرمة :


                                                          إذا انجابت الظلماء أضحت كأنها     وأى منطو باقي الثميلة قارح

                                                          والأنثى وآة أيضا . قال الجوهري : ثم تشبه به الفرس وغيره ; وأنشد لشاعر :


                                                          كل وآة ووأى ضافي الخصل     معتدلات في الرقاق والجرل

                                                          وقدر وأية ووئية : واسعة ضخمة ، على فعيلة بياءين ، من الفرس الوآة ; وأنشد الأصمعي للراعي :


                                                          وقدر كرأل الصحصحان وئية     أنخت لها بعد الهدو الأثافيا

                                                          وهي فعيلة مهموزة العين معتلة اللام . قال سيبويه : سألته ، يعني الخليل ، عن فعل من وأيت ، فقال وئي ، فقلت فمن خفف ، فقال أوي ، فأبدل من الواو همزة . وقال : لا يلتقي واوان في أول الحرف ، قال المازني : والذي قاله خطأ ؛ لأن كل واو مضمومة في أول الكلمة فأنت بالخيار ، إن شئت تركتها على حالها وإن شئت قلبتها همزة ، فقلت وعد وأعد ، ووجوه وأجوه ، ووري وأوري ، ووئي وأوي ، لا لاجتماع الساكنين ولكن لضمة الأول ; قال ابن بري : إنما خطأه المازني من جهة أن الهمزة إذا خففت وقلبت واوا فليست واوا لازمة بل قلبها عارض لا اعتداد به ، فلذلك لم يلزمه أن يقلب الواو الأولى همزة بخلاف أويصل في تصغير واصل ، قال : وقوله في آخر الكلام لا لاجتماع الساكنين صوابه لا لاجتماع الواوين . ابن سيده : وقدر وأية ووئية واسعة ، وكذلك القدح والقصعة إذا كانت قعيرة . ابن شميل : ركية وئية قعيرة ، وقصعة وئية مفلطحة واسعة ، وقيل : قدر وئية تضم الجزور ، وناقة وئية ضخمة البطن . قال القتيبي : قال الرياشي الوئية الدرة مثل وئية القدر ، قال أبو منصور : لم يضبط القتيبي هذا الحرف ، والصواب الونية ، بالنون ، الدرة ، وكذلك الوناة ، وهي الدرة المثقوبة ، وأما الوئية فهي القدر الكبيرة . قال أبو عبيدة : من أمثال العرب فيمن حمل رجلا مكروها ثم زاده أيضا : كفت إلى وئية ; قال : الكفت في الأصل القدر الصغيرة ، والوئية الكبيرة ، قال أبو الهيثم : قدر وئية ووئيبة ، فمن قال وئية فهي من الفرس الوأى ، وهو الضخم الواسع ، ومن قال وئيبة فهو من الحافر الوأب ، والقدح المقعب يقال له وأب ; وأنشد :


                                                          جاء بقدر وأية التصعيد

                                                          قال : والافتعال من وأى يئي اتأى يتئي ، فهو متئ ، والاستفعال منه استوأى يستوئي فهو مستوء . الجوهري : والوئية الجوالق الضخم ; قال أوس :


                                                          وحطت كما حطت وئية تاجر     وهى عقدها فارفض منها الطوائف

                                                          قال ابن بري : حطت الناقة في السير اعتمدت في زمامها ، ويقال مالت ، قال : وحكى ابن قتيبة عن الرياشي أن الوئية في البيت الدرة ; وقال ابن الأعرابي : شبه سرعة الناقة بسرعة سقوط هذه من النظام ، وقال الأصمعي : هو عقد وقع من تاجر فانقطع خيطه وانتثر من طوائفه أي نواحيه . قالوا : هو يئي ويعي أي يحفظ ، ولم يقولوا وأيت كما قالوا وعيت ، إنما هو آت لا ماضي له ، وامرأة وئية : حافظة لبيتها مصلحة له .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية