الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 177 ] ودد

                                                          ودد : الود : مصدر المودة . ابن سيده : الود الحب يكون في جميع مداخل الخير ; عن أبي زيد . ووددت الشيء أود ، وهو من الأمنية ; قال الفراء : هذا أفضل الكلام ; وقال بعضهم : وددت ويفعل منه يود لا غير ; ذكر هذا في قوله تعالى : يود أحدهم لو يعمر أي يتمنى . الليث : يقال : ودك ووديدك كما تقول حبك وحبيبك . الجوهري : الود الوديد ، والجمع أود مثل قدح وأقدح ، وذئب وأذؤب ; وهما يتوادان وهم أوداء . ابن سيده : ود الشيء ودا وودا وودا وودادة وودادا وودادا ومودة وموددة : أحبه ; قال :


                                                          إن بني للئام زهده ما لي في صدورهم من مودده



                                                          أراد من مودة . قال سيبويه : جاء المصدر في مودة على مفعلة ولم يشاكل باب يوجل فيمن كسر الجيم ; لأن واو يوجل قد تعتل بقلبها ألفا ، فأشبهت واو يعد ، فكسروها كما كسروا الموعد ، وإن اختلف المعنيان ، فكان تغيير ياجل قلبا وتغيير يعد حذفا لكن التغيير يجمعهما . وحكى الزجاجي عن الكسائي : ووددت الرجل ، بالفتح . الجوهري : تقول : وددت لو تفعل ذلك ، ووددت لو أنك تفعل ذلك أود ودا وودا وودادة وودادا أي تمنيت ; قال الشاعر :


                                                          وددت ودادة لو أن حظي     من الخلان أن لا يصرموني



                                                          ووددت الرجل أوده ودا إذا أحببته . والود والود والود : المودة ; تقول : بودي أن يكون كذا ; وأما قول الشاعر :


                                                          أيها العائد المسائل     عنا وبوديك لو ترى أكفاني



                                                          فإنما أشبع كسرة الدال ليستقيم له البيت فصارت ياء . وقوله - عز وجل - : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ; معناه لا أسألكم أجرا على تبليغ الرسالة ، ولكني أذكركم المودة في القربى ; والمودة منتصبة على استثناء ليس من الأول ; لأن المودة في القربى ليست بأجر ; وأنشد الفراء في التمني :


                                                          وددت ودادة لو أن حظي



                                                          قال : وأختار في معنى التمني : وددت . قال : وسمعت وددت ، بالفتح ، وهي قليلة ; قال : وسواء قلت : وددت أو وددت المستقبل منهما أود ويود وتود لا غير ; قال أبو منصور : وأنكر البصريون وددت ، قال : وهو لحن عندهم . وقال الزجاج : قد علمنا أن الكسائي لم يحك وددت إلا وقد سمعه ، ولكنه سمعه ممن لا يكون حجة . وقرئ : سيجعل لهم الرحمن ودا ، وودا . قال الفراء : ودا في صدور المؤمنين ، قال : قاله بعض المفسرين . ابن الأنباري : الودود في أسماء الله - عز وجل - المحب لعباده ، من قولك : وددت الرجل أوده ودا وودادا وودادا . قال ابن الأثير : الودود في أسماء الله تعالى فعول بمعنى مفعول ، من الود المحبة . يقال : وددت الرجل إذا أحببته ، فالله تعالى مودود أي محبوب في قلوب أوليائه ; قال : أو هو فعول بمعنى فاعل أي يحب عباده الصالحين بمعنى يرضى عنهم . وفي حديث ابن عمر : أن أبا هذا كان ودا لعمر ، هو على حذف المضاف تقديره كان ذا ود لعمر أي صديقا ، وإن كانت الواو مكسورة فلا يحتاج إلى حذف فإن الود بالكسر الصديق . وفي حديث الحسن : فإن وافق قول عملا فآخه وأودده أي أحببه وصادقه ، فأظهر الإدغام للأمر على لغة الحجاز . وفي الحديث : عليكم بتعلم العربية فإنها تدل على المروءة وتزيد في المودة ; يريد مودة المشاكلة ; ورجل ود ومود وودود ، والأنثى ودود أيضا والودود : المحب . ابن الأعرابي : المودة الكتاب . قال الله تعالى : تلقون إليهم بالمودة أي بالكتب ; وأما قول الشاعر أنشده ابن الأعرابي :


                                                          وأعددت للحرب خيفانة     جموم الجراء وقاحا ودودا



                                                          قال ابن سيده : معنى قوله : ودودا ، أنها باذلة ما عندها من الجري ; لا يصح قوله ودودا إلا على ذلك ; لأن الخيل بهائم والبهائم لا ود لها في غير نوعها . وتودد إليه : تحبب . وتودده : اجتلب وده ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          أقول توددني إذا ما لقيتني     برفق ومعروف من القول ناصع



                                                          وفلان ودك وودك وودك ، بالفتح ، الأخيرة عن ابن جني ، ووديدك وقوم ود ووداد وأوداء وأوداد وأود ، بفتح الهمزة وكسر الواو ، وأود ; قال النابغة :


                                                          إني كأني أرى النعمان خبره     بعض الأود حديثا غير مكذوب



                                                          قال : وذهب أبو عثمان إلى أن أودا جمع دل على واحده ، أي أنه لا واحد له . قال : ورواه بعضهم : بعض الأود ، بفتح الواو ; قال : يريد الذي هو أشد ودا ، قال أبو علي : أراد الأودين الجماعة . الجوهري : ورجال ودداء يستوي فيه المذكر والمؤنث لكونه وصفا داخلا على وصف للمبالغة . التهذيب : والود صنم كان لقوم نوح ثم صار لكلب ، وكان بدومة الجندل ، وكان لقريش صنم يدعونه ودا ، ومنهم من يهمز فيقول أد ; ومنه سمي عبد ود ، ومنه سمي أد بن طابخة ; وأدد : جد معد بن عدنان . وقال الفراء : قرأ أهل المدينة : ولا تذرن ودا ، بضم الواو ، قال أبو منصور : أكثر القراء قرأوا ودا ، منهم أبو عمرو ، وابن كثير ، وابن عامر ، وحمزة ، و الكسائي ، وعاصم ، ويعقوب الحضرمي ، وقرأ نافع ( ودا ) ، بضم الواو . ابن سيده : وود وود صنم . وحكاه ابن دريد مفتوحا لا غير . وقالوا : عبد ود يعنونه به . وود لغة في أد ، وهو ود بن طابخة ; التهذيب : الود ، بالفتح ، الصنم ; وأنشد :


                                                          بودك ما قومي على ما تركتهم     سليمى إذا هبت شمال وريحها


                                                          أراد بودك فمن رواه بودك أراد بحق صنمك عليك ، ومن ضم أراد بالمودة بيني وبينك ، ومعنى البيت أي شيء وجدت قومي يا سليمى على تركك إياهم أي قد رضيت بقولك وإن كنت تاركة لهم فاصدقي وقولي الحق ; قال : ويجوز أن يكون المعنى أي شيء قومي فاصدقي فقد رضيت قولك ، وإن كنت تاركة لقومي . وودان : واد معروف ; قال نصيب :


                                                          قفوا خبروني عن سليمان     إنني لمعروفه من أهل ودان طالب



                                                          [ ص: 178 ] وود : جبل معروف ; الجوهري : والود في قول امرئ القيس :

                                                          تظهر الود إذا ما أشجذت وتواريه إذا ما تعتكر

                                                          قال ابن دريد : هو اسم جبل . ابن سيده وغيره : والود الوتد بلغة تميم ، فإذا زادوا الياء قالوا وتيد ; قال ابن سيده : زعم ابن دريد أنها لغة تميمية ، قال : لا أدري هل أراد أنه لا يغيرها هذا التغيير إلا بنو تميم أم هي لغة لتميم غير مغيرة عن وتد ؟ الجوهري : الود ، بالفتح ، الوتد في لغة أهل نجد كأنهم سكنوا التاء فأدغموها في الدال . ومودة : اسم امرأة ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          مودة تهوى عمر شيخ يسره     لها الموت قبل الليل لو أنها تدري
                                                          يخاف عليها جفوة الناس بعده     ولا ختن يرجى أود من القبر



                                                          وقيل : إنها سميت بالمودة التي هي المحبة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية